بينما لا تزال الطرقات تُقطع بالإطارات المشتعلة، والاشتباكات تتجدد بين الحين والآخر، يتحدّى «مترو المدينة» الوضع المتوتّر بـ«هزة خصر» يطالب الجمهور باستمرارها. بمعزل عن الوضع الدقيق الذي يشهده لبنان سياسياً وأمنياً، يملأ الجمهور الصالة التي تقع تحت الأرض في «مترو المدينة» طوال الأسبوع، سعيداً بعروض تنتشله ــ ولو لساعتين أو أكثر ــ من حالة العقم السياسي. الليلة، يقدّم المترو سهرة «شرقي حاف» مع أربعة راقصين: رندا ونعيمة وشاشو ويويو. ليست السهرة الأولى التي ينظمها المسرح الكائن في شارع لعشاق الرقص الشرقي، بل أصبح موعداً شهرياً ثابتاً على برنامجه. برمجة تجهد لتأمين مساحة فنية ترفيهية في المدينة، وتتميز بنوعية عروضها وتنوّعها، فيما يلتقي لدى مشاهدتها أناس من جميع الأطياف والمشارب بهدف واحد: التسلية والاستمتاع والطرب. منذ انطلاقته، راهن «مترو المدينة» على تقديم فنون الكباريه ضمن برمجة عصرية، فكيف لا يكون للرقص الشرقي ــ العمود الفقري لفنون الكباريه ــ مساحة خاصة في «مترو المدينة»؟
أما للراقصين في «شرقي حاف» فلكلّ واحد وواحدة ميزتهما الخاصة. رغم تعرّف البعض إلى رندا ضمن عرض «هشك بشك شو» (المستمر كل ليلة خميس وجمعة)، تبقى هي ملكة المسرح بامتياز. تتميز رندا بحضور وجمال لافت على الخشبة، والأهم قدرتها على التفاعل مع الجمهور عبر تعابير وجهها التي لا تنفصل لحظة عن التناسق مع حركة جسدها. لن تطيل رندا وصلتها على الخشبة، بل إنّكم سوف تجدونها تتنقل بينكم بخفة من طاولة إلى أخرى، داعية الحضور إلى مشاركها الرقص. لنعيمة أسلوبها الخاص. هي تدرك جمال يديها وتعلم جيداً كيف تسحر الجمهور بهما، من دون أن ننسى تأديتها لرقصة الشمعدان. أما «يويو» فلا بد أنّ جميع رواد شارع الحمرا يفتقدونه في سهراتهم إثر مكوثه في إسبانيا أخيراً. ها هو الليلة على خشبة المترو يعيد تلك الحماسة إلى الساهرين، ليذهلنا بليونته وقدرته التقنية على التسابق مع الإيقاعات السريعة. ويبقى «شاشو» الذي إن أردنا وصف حركته، فقد لا نجد سوى لقب «صاحب الخصر الملتهب»!
الراقصون الأربعة سيؤدون وصلات انفرادية وجماعية، ليُدعى الجمهور في نهاية السهرة إلى الرقص الشرقي «الحاف». جميع الراقصين هواة رغم تقنياتهم العالية، ولكنّهم يرقصون فقط لأنّهم يعشقون الرقص من دون أن تكون مهنتهم الأساسية. في سنوات ماضية، تعرّف الجمهور للمرة الأولى إلى تحية كاريوكا وسامية جمال في «كباريه بديعة مصابني»، ثم إلى سهير زكي وفيفي عبده بعدما تحول المكان إلى «كباريه شهرزاد». أما الليلة، فسنكون على موعد مع نجوم الغد، أو على الأقل مع هواة يشاركون فرحة الرقص مع جمهور يبحث بين الأخبار عن لحظة فرح، قبل أن يعود ليطمئن ما إذا كانت طريق العودة إلى منزله ما زالت مفتوحة!



«رقص شرقي حاف»: الليلة الساعة: 21:30 ــ في «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 76/309363