القدس | للسنة الخامسة، تطلق ما تسمّى «سلطة تطوير القدس» «مهرجان الأنوار» التهويدي، الذي حمل هذا العام اسم «نور القدس 2013»، التي تسعى جاهدة إلى إضفاء صيغة العالمية عليه بإشراك أعمال وفنانين عالميين في مجال التركيب الضوئي. كان لفرنسا «أم الأنوار» النصيب الأكبر من المشاركات الأجنبية، حيث شاركت بستة أعمال معظمها عرض للمرة الأولى في «مهرجان ليون»
ـــ كما يوضح منشور المهرجان ـــ إلى جانب أربعة أعمال بين النمسا وألمانيا، وعملين لهولندا، ومشاركة وحيدة للبرتغال وأخرى لكندا، وما بقي من الـ25 عملاً فهي لفنانين «إسرائيليين» على ذمة القائمين على المهرجان («سلطة تطوير القدس» بالتعاون مع «مكتب رئيس الوزراء» الإسرائيلي وبلدية الاحتلال، وإنتاج شركة «آرئيل»).
رغم أنّ «مهرجان الأنور» لهذا العام حقّق حسب القائمين عليه رقماً قياسياً في عدد الزوار، الذي بلغ 300 ألف، إلا أنه فشل فشلاً ذريعاً في محاولة خرط المجتمع الفلسطيني في فعاليات كهذه، بل جرت مواجهته بمسيرة شعبية احتجاجية من المسجد الأقصى إلى حارة الواد، فباب العامود. المسيرة التي لم نشهد مثلها في السنوات الماضية، باغتت المستوطنين المحتفلين؛ بالأعلام الفلسطينية، والتكبيرات، والمواجهات بالأيدي مع المستوطنين وحراسهم من جيش الاحتلال، وكانت كفيلة بصد «الزوار الجدد» عن سلك المسار الأخضر الذي يمر بباب العامود وطريق الآلام، مع الأخذ في الاعتبار أنّ المهرجان يستثني، أو بالأحرى يتجنب «الحيّ الإسلامي» من البلدة القديمة. هذه التظاهرة الصغيرة مؤشر لما يمكن فعله شعبياً لإحباط فعاليات فنية تهويدية، تجري في أحياء أخرى من القدس القديمة، كالحيّ المسيحي والأرمني لتفنيد تصريحات رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، بأنّ ««مهرجان الأنوار» يعد معلماً مهماً في الحياة الثقافية المقدسية، ويجعل مدينة أوشاليم القدس عاصمة للثقافة في العالم، تستقطب إليها السياح والزوار من جميع أنحاء المعمورة».
المهرجان اختتم ليلة الخميس الماضي واستمر ثمانية أيام بالتزامن مع الذكرى الـ46 لاحتلال العصابات الصهيونية للقدس على نحو كامل، لينير درب المستوطنين بثلاثة مسارات في البلدة القديمة في القدس من الثامنة مساءً حتى منتصف الليل، محاولاً أن «يكتسب تفسيراً جديداً للواقع». مجسمات وأشكال فنية تهدف إلى دمج الفن الحديث بأجواء البلدة القديمة الساحرة، وتسخير للبعد الفني الضوئي والمؤثرات الصوتية والأجسام الضوئية وانعكاساتها الذاتية على المواقع الأثرية في القدس، إضافة إلى جولات ومسارات مجانيّة يُستدل عليها بخرائط تحرّف أسماء شوارعها.
بعد انتهاء كرنفال «الأنوار» المزيفة، عاد الواقع كما كان. الحجارة والقصور الأموية المطلة على الحرم القُدسي ليست خرساء كما يتشدق أحد المشاركين الصهاينة في عمل «إشراف على (جبل الهيكل) من الظلمة إلى النور».