تونس | يوم الجمعة الماضي، حُكم على مغني الراب التونسي علاء يعقوب المعروف بـ«ولد 15» (الصورة) بالسجن عامين «مع النفاذ العاجل» بعدما سلّم نفسه للسلطات المختصة بعد أسابيع من الفرار. جاءت هذه التطوّرات على خلفية القضية التي رفعت ضده بسبب أغنيته «البوليسية كلاب» التي بثها على يوتيوب وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. يومها، رأت السلطات الأمنية أنّ الأغنية «إساءة متعمّدة ومقصودة إلى جهاز الأمن»، وادّعت أنّ الأمن «يواجه حملة غير مسبوقة منذ سقوط زين العابدين بن علي، وهو ما أثّر على أدائه الذي تراجع بنحو ملحوظ، ما فتح الباب لتفشي الجريمة بمختلف أنواعها».
وفي الوقت الذي توجّهت فيه الأنظار نحو ما ستؤول إليه المحاكمة، سجّل رجال الأمن «إنجازين» جديدين. اتهمت الصحافية الفرنسية هند المؤدب، وهي ابنة المفكر التونسي الشهير عبد الوهاب المؤدب، بـ«تعكير صفو الأمن العام»، قبل أن يلقى القبض عليها في محيط المحكمة الابتدائية في بن عروس (شمال) أثناء متابعتها لمحاكمة «ولد 15». بدورهما، تعرّض الصحافي في موقع «نواة» أمين المطيراوي والمدوّنة لينا بن مهني لاعتداء عنيف من قوات الأمن عندما كانا يواكبان الاحتجاجات أمام المحكمة بعد صدور الحكم. هذه التطورات أثارت ردود فعل عديدة لدى مختلف الجهات. خصّصت الصحف الفرنسية مساحات واسعة في نهاية الأسبوع لتطوّرات المحاكمة وما تعرضت له المؤدب، وأدانت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» العنف الذي مارسه رجال الأمن على الصحافيين. ورأت النقابة أنّ محاكمة الصحافية الفرنسية من أصل تونسي «اعتداء جديد على الصحافيين». أما وزارة الثقافة، فقد عبّرت في بيان عن «انزعاجها» من الحكم الصادر بحق «ولد 15»، مناشِدةً القضاء إعادة النظر فيه، ومشددةً على أنّه «لا يتماشى مع مناخ الحرية بعد الثورة التي فجرها الشباب وكان مغنو الراب في طليعتها».
وامتدت سلسلة الإدانات إلى نقابات الموسيقيين التونسيين بمختلف اختصاصاتها. فقد جاء في بيان «نقابة مهن الفنون الدرامية» أنّ «هذا الحكم الجائر في حق «ولد 15» ليس سوى عيّنة من سياسة كم الأفواه وتكميم الأصوات الحرة، وحلقة من حلقات الترهيب التي تمارس في حق المبدعين والفنانين والمفكرين والمثقفين»، ووضعت النقابة الحادثة في إطار «المحاكمة السياسية»، مشددةً على أنّها «لتجريم حرية الإبداع والتعبير، ولمصادرة الفن الحرّ». ودعت النقابة إلى بناء «جبهة ثقافية واسعة تجمع المثقفين والمبدعين والإعلاميين ضد جهاز الاستبداد الجديد الذي يتشكل تدريجاً بغطاء ديني هذه المرة». من جهتها، أدانت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» الحكم وعدّته «قاسياً»، في الوقت الذي رأت فيه السلطات الأمنية أنّ «القضاء أنصف رجال الأمن ضد الاعتداءات التي تطاولهم من أكثر من سنتين». أما مغنو الراب، فقد أعلنوا عزمهم على إنتاج أغنية جماعية يدافعون فيها عن «ولد 15» الذي صار محور الكثير من تقارير وكالات الأنباء، فضلاً عن تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، منذ مساء الجمعة الماضي، أغنيتي راب تهاجمان رجال الأمن، هما «البوليسية قطاطس» (قطط بالتونسية)، و«البوليسية بقر». ورأى الناشطون السياسيون أنّ الحكم على المغني الشاب «مؤشر خطير على تدهور الحريات»، فيما أكدت «الجبهة الشعبية» في بيان لها أنّ سجن فنان لسنتين من أجل أغنية هو «فضيحة تؤكد عودة الديكتاتورية، وهو ما يذكر التونسيين بالنظام السابق وأجهزته القمعية عندما سجن مغني الراب «الجنرال» بسبب أغنية».