القاهرة | قبل سنوات قليلة، كان نجوم مصر يقيمون في مكتب وزير الإعلام لضمان عرض أعمالهم على شاشتي «القناة الأولى» و«القناة الثانية» الأرضيتين في رمضان. ولاحقاً، باتوا على استعداد لعرض مسلسلاتهم حصرياً على المحطات الخاصة. لكن حتى مع منح «التلفزيون المصري» حق عرض المسلسلات الآن، لن يجد الجمهور الذي ما زال مخلصاً لتلفزيون مصر الرسمي أيّ نجوم على شاشة رمضان هذا العام بعد سنة واحدة على تولي القيادي الإخواني صلاح عبد المقصود وزارة الإعلام.
الحجة التي تسوّقها قيادات المبنى وفي مقدّمهم الوزير، هي الحدّ من النفقات: تبرير يلقى قبولاً لدى أنصار التيارات الدينية الذين يعتبرون الإنفاق على الفنّ «إهداراً للمال العام». وهو المنهج نفسه الذي يتبعه وزير الثقافة علاء عبد العزيز الذي يطالب بتقليص الانفاق بحجة «توفير ميزانية الدولة» من دون تقديم أي بديل. كما طالب القيادي الإخواني حمدي حسن عبر تويتر بإغلاق «التلفزيون الرسمي» وتسريح العاملين فيه لـ«تقليل العبء على ميزانية الدولة حيث ينفق عليه سنوياً قرابة المليار دولار».
وزير الاعلام مشغول طوال العام بالدفاع عن نفسه ضد زلات اللسان الشهيرة (الأخبار 15/4/2013) وقيادات المبنى كانت تخضع للتغيير كلما اصطدمت بسياسات الوزير التي تركّز حسب بعض الشهود على دخول «ماسبيرو» حظيرة الجماعة الحاكمة. لا يمرّ أسبوع في المبنى العريق المطلّ على نيل القاهرة من دون وقف برنامج أو منع بث حلقة من برنامج آخر، وتحويل مذيعة أو مخرج للتحقيق. رغم ذلك، فشل عبد المقصود في تحقيق السيطرة على الإعلام، وسيدخل المبنى تجربة قد تكون أصعب مما جرى في «25 يناير»، عندما تنطلق التظاهرات المضادة لمرسي في 30 حزيران (يونيو). كل هذا يفسّر لماذا لم يهتم أهل «ماسبيرو» برمضان ومسلسلاته، كأن الهدف هو تنفير المشاهدين من قنوات المبنى على كل المستويات. في الوقت نفسه وبسبب الأزمة المالية التي تشهدها سوق الدراما بشكل عام، لم يعد لدى المنتجين في المحروسة أي قدرة على التفاهم مع قيادات الإعلام الحكومي عكس الأعوام السابقة. بعضهم ما زالت لديه ديون متراكمة في ذمة «ماسبيرو» تعود إلى سنوات ماضية، والبعض الآخر أدرك أنّه لا فائدة من التبرّع بعرض مسلسلاته مجاناً مقابل الجماهيرية التي سيحقّقها العمل لأنّ جمهور «ماسبيرو» بدأ ينقرض بالفعل.
في اتصال لـ«الأخبار»، يؤكد المنتج محمد فوزي صاحب مسلسلي «مولد وصاحبه غايب» (بطولة هيفا وهبي وفيفي عبده) و«سلسال الدم»، أنه على عكس الأعوام السابقة، لم يتلق أي اتصال من مسؤولي «ماسبيرو» للتفاهم حول عرض مسلسلاته في رمضان. ويلفت فوزي إلى أنه يرفض عرض أعماله مجاناً أو مقابل نسبة من الإعلانات، لأنّ الأخيرة أصلاً لم تعد مضمونة على قنوات «ماسبيرو». ويشير المنتج إلى أن قيادات المبنى الحالية تفتقر إلى إرادة تقديم مضمون مميّز للجمهور في رمضان، والخبرة الفنية شبه غائبة عند معظمها. ويعتبر فوزي أنّ التلفزيون كان يلجأ أحياناً إلى سياسة التقاسم في العائد الإعلاني مع المنتج بسبب عدم وجود سيولة مسبقة لدفع قيمة المسلسلات المباعة لـ«ماسبيرو»، لكن عدم ضمان حرص المعلنين على التعامل مع قيادات المبنى، أفقد هذا الأسلوب ميزته. أما الجزء الآخر من الصورة الذي لم يذكره فوزي، فهو أنّه حتى لو امتلك التلفزيون أموالاً، فسيختار أعمالاً لا تثير غضب التيارات الدينية ضده. مثلاً ليست لدى إدارة «ماسبيرو» شجاعة عرض مسلسل هيفا وهبي، حتى لو خلا من أيّ مشاهد مثيرة للجدل. في السياق نفسه، يلفت المنتج حسام شعبان «الأخبار» إلى أن أعمال شركة «كينغ توت» لهذا العام وفي مقدّمتها «فرح ليلى» لليلى علوي، لن تعرض على «ماسبيرو» بسبب غياب أي مفاوضات في هذا الشأن. والاستثناء قد يكون مسلسل «الصقر شاهين» للممثل تيم حسن المؤجّل من رمضان الماضي بسبب وجود تفاهم حوله مع قيادات المبنى قبل وصول وزير الإعلام. إلا أن عرضه بشكل نهائي أمر ما زال مشكوكاً فيه على حدّ قول شعبان. من جهة أخرى، يوضح عمرو عابدين رئيس قناة «نايل كوميدي» أنّ رؤساء القنوات المعنية بتقديم مضمون رمضاني، طالبوا الوزير بشراء عدد من المسلسلات والبرامج، وما زالوا في انتظار الردّ قبل نهاية هذا الشهر. حتى الآن، لا يوجد لدى أيّ قناة ملامح رئيسية لخريطتها في رمضان وفق عابدين الذي يعني بكلامه قنوات «الأولى» و«الثانية» و«نايل دراما» و«نايل كوميدي» و«نايل لايف» و«الفضائية المصرية». فيما أكد رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» شكري أبو عميرة وجود توجّه لعرض مسلسلات تركية على شاشات «ماسبيرو» بعد الحصول عليها مجاناً، إلى جانب المسلسلات التي أنتجتها جهات تابعة للمبنى وبعضها مؤجل منذ العام الماضي.



الاعلامي المتمرّد

غيّب الموت قبل يومين الاعلامي المصري المخضرم طارق حبيب عن عمر ناهز 77 عاماً بعد صراع مع المرض. حبيب أحد نجوم عقد السبعينيات على التلفزيون المصري، أطلق أول قناة حكومية في مصر العام 1960 واشتهر بتقديم برامج عدة من بينها «اوتوغراف» و«حروف وألوف» و«أهلا وسهلاً». بعد تولّي صفوت الشريف وزارة الإعلام في مصر بداية حقبة الثمانينيات، تراجع ظهور الراحل على الشاشة بسبب رفضه الانصياع لأي توجيهات على حدّ تصريحاته، مما أدى لاحقاً إلى خروجه التام من «ماسبيرو». لكنه قاوم الإبعاد وقدم عبر شاشة «دريم» برنامج «ملفات ثورة يوليو» الذي وثق شهادات معاصري الثورة.