في باريس، قرّرت مبادرة «تكريم» أن تلتئم لتختار الفائزين المكرّمين من المبدعين العرب «الذين وضعوا في مسيرتهم الخطوط العريضة لبناء مجتمعات عربية أفضل»، على الأقل كما تأمل المبادرة التي أطلقها ريكاردو كرم قبل ثلاث سنوات. وعلى عادة المبادرة، تم اختيار لجنة التحكيم التي ضمّت: وزيرة الثقافة البحرينية مي بنت محمد آل خليفة، الناشطة الفلسطينية حنان عشراوي، بولا الصباح، ليلى شرف، نهى الحجيلان، المستشار الملكي المغربي أندريه أزولاي، الأخضر الإبراهيمي، محمد منصور، آلان كاربانتييه، كارلوس غصن، رجا صيداوي والكاتب الفرنسي مارك ليفي.
بعد دراسة ملفّات المرشّحين، الذين بلغوا المرحلة النهائية، توصّلت اللجنة إلى اختيار أسماء الفائزين في كلّ من: مجالات الخدمات الإنسانية والمدنية، التنمية البيئية المستدامة، الإنجاز العلمي والتكنولوجي، الابتكار في مجال التعليم، الإنجاز الثقافي، امرأة العام العربية، المبادرين الشباب والقيادة البارزة للأعمال والمساهمة الدولية الاستثنائية في المجتمع العربي.
اختيار المكان ولجنة التحكيم قد يبدوان غريبين على مبادرة يُفترض أن تكون عربية، لكن ذلك الاختيار لا يشكّل إحراجاً للإعلامي ريكاردو كرم الذي لطالما كرّر أنه يسعى إلى أن تتخطّى مبادرته العالم العربي. وربما هو المنطق نفسه الذي يقف خلف تبرير كرم اختياره رعاة المبادرة سنوياً ولإدارة الحوارات فيها، فتولى السفير الأميركي السابق في لبنان، فنسنت باتل، تحريك الاجتماعات الباريسية. المبادرة تحتاج الى مظلة، والمكرّمون كذلك، وهذه المظلّة لا يمكن أن توفرها إلا الشخصيات الحكومية في دول تعاني من سيطرة الحكّام على مفاصل حياتها، فتصبح المبادرة اختزالاً للمسافات بين الناشطين المدنيين بحسب القائمين على الجائزة. أبرز مثال على ذلك، كان اختيار المحامية الأردنية سمر محارب، المحرومة من عضويتها في نقابة المحامين في بلدها للفوز بجائزة «المبادرين الشباب» فتحوّلت محارب الى رمز وطني. غير أن المحامية نكثت العهد بعد فوزها، فأغرتها أضواء السلطة وتقرّبت منها في وقت يُفترض أنها ناشطة كما يقول منتقدوها. ربما ليست «تكريم» مثالية، وقد تختلط فيها المصالح مع أهدافها الحقيقية. يصعب فهم اختيار مملكة البحرين لتوزيع الجوائز في العام المنصرم خارج سياق تلميع الصورة التي أرادتها المملكة على حساب الحراك الشعبي آنذاك، كما يصعب فهم اختيار بعض الفائزين بالجائزة. لكن مع غياب مبادرة حقيقية من المعترضين، تبقى تلك الانتقادات حبراً على ورق. يذكر أنّ «تكريم» تعلن عن فائزيها في مؤتمر يعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.