تذهب بعض الملاحظات حول أداء «الميادين» إلى القول إنّها ليست قناة بالمعنى المعروف، لكنّها ساعات بث يشغلها مذيعون وبرامج متفرقة، لا تجمعهم بوتقة واحدة. وفي هذا بطبيعة الحال، ظلم واضح، لكنه مع ذلك يستند إلى معطيات ملموسة، تتحدث عن مذيعين أشهر من قناتهم وأقوى من برامجهم، يمكنها أن تثير قلق من يهتم بتكريس وسيلة إعلامية جديدة ومختلفة. أول هذه المعطيات يتمثل في اعتماد «الميادين» المفرط على تظهير النجومية السابقة لوجوهها (غسان بن جدو، سامي كليب، زاهي وهبي، يحيى أبو زكريا، وجورج غالاوي).

يبرز هذا الافراط في «بروموشن» البرامج التي تأتي مادتها الصوتية بأصوات المذيعين أنفسهم (كل لبرنامجه)، لا كما جرت العادة باعتماد صوت محدد يكون بصمة خاصة للمحطة، ويتولى المرافقة الصوتية لـ «بروموشن» البرامج والفواصل.
تبدو «الميادين» خارج الفترة الحيّة الصباحية، كأنّها باقة من البرامج والوجوه، فغسان بن جدو يكرر حضوره السابق في «الجزيرة»، بينما زاهي وهبي يستنسخ تجربته في «خليك بالبيت» (المستقبل)، ويمعن في ذلك أحياناً مستعيداً ضيوفه أنفسهم السابقين، وتقارير أوغاريت دندش (مع الإشادة) تنقلنا إلى أجواء عملها السابق في قناة «الجديد»،
وهكذا...
ثمة مساحة واسعة لبرامج حوارات الجمهور والحوارات الجماعية («كلمة حرة»، «شباب بالعربي»...) وإذا أضفنا إليها مرات ظهور غسان بن جدو مع الميل إلى الارتجال والخطابة، سينتاب المشاهد إحساس بأنّ «الميادين» حائرة في أمرها، لا تعرف إن كانت تريد أن تكون على غرار «الجزيرة» الإخبارية أم «الجزيرة مباشر». وبالمناسبة، فـ «الجزيرة» هنا ليست عابرة، إذ يؤخذ عموماً على القناة أن معديها يعتمدون كثيراً على دفتر عناوين قناتهم السابقة نفسه في استضافاتهم من المحللين والمعلقين... الخطابة ونجومية المذيع في «الميادين» غالباً ما تزاحم حضور ضيوف المقابلات، فتتحول حلقة الاستضافة إلى ساعة «بورتريه صوتي» للضيف، يقول حوله وبالنيابة عنه ما يفترض أن يراه المشاهد أو يقوله الضيف بنفسه (استضافة زياد رحباني مثالاً). وتقود الخطابة بدورها إلى الميل للاعتماد المفرط على السجع. السجع في نصوص الـ «بروموشن» والمقدمات البرامجية والفواصل، وهو ما يقود في النهاية إلى «تسجيع» الأفكار والمادة المصوّرة نفسها.