على ما يقول، ليس من عادة الكاتب في «النهار» جهاد الزين قطعاً أن «يقف عند هذا النوع من الأمور، فكلنا نتأثّر ببعضنا، لكنْ هذه السرقة وقحة جداً وغير ذكية». والأمور التي قصدها الزين في تعليقه على فايسبوك لا تحتمل التأويل. لقد اتهم الزين الكاتب في موقع «ناو لبانون» حازم الأمين بسرقة مقاله (نهاية لبنان الكبير، «النهار»، 28 أيّار/ مايو 2013). في البداية، قال إن عنوان المقال تعرّض للقرصنة، لكنه أوضح أن العنوان ليس منفصلاً عن النص، فالبنية التحليليّة التي ارتكز عليها الزين تعرضت برأيه للسطو أيضاً.
يقول الزين إن مقال الأمين الذي تلى مقاله بثمانية أيام، «تبنّى الفكرة الرئيسية نفسها وأخذ الأفكار الفرعية والمنحى التحليلي والاستنتاجي ذاته دون أي إشارة إلى مقالي نهائياً».
وعلى فايسبوك أيضاً، وبسرعة، ردّ الأمين بأسلوبه المعتاد، مؤكداً أن المقال كان امتداداً لنقاش بدأ مع الكاتب الياس خوري، ملقياً عبء هذه العبارة (نهاية لبنان الكبير) على خوري، لأنّ الأخير أوردها في نقاشه. صار لدينا كاتب ثالث أيضاً. وشعر الصحافي في جريدة «الحياة» أنّ الأمانة تقضي بأن يشير إلى صاحب الجملة (خوري لا الزين)، فكانت الكلمتان في مقدمة المقال: «إلى إلياس خوري».
في ردّه الساخر على فايسبوك، ارتكب الأمين خطأً لغويّاً لا يليق بسمعته الصحافية المرموقة، إذ ترك المفعول به مرفوعاً، وبعد الرد، صار المقال الأصلي مفعولاً به هو الآخر، وغيّر الأمين عنوان مقاله إلى «ميكرو» لبنان («ناو لبانون»، 6 حزيران 2013)، معتذراً من «النهار» على تطابق العنوان الأصلي مع مقال لأحد كتابها. «ميكرو» أي صغير، وهذا لن يرضي الزين، خاصةً أن الأمين وصفه في تعليقه بالنزق والمتعجرف. إذاً، النقاش ليس مهذباً، فقد صار حازم الأمين «سارقاً» وجهاد الزين «نزقاً». في الأساس، صُنع الموقع للتعليق. الخلل ليس في ما وقع بل في كيفيّة وقوعه، في الألفاظ المستخدمة بين كاتبين. لقد تقاذفا الاتهامات ولم يكلّف الواحد منهما نفسه عناء العودة إلى مؤسسته. إن ما حدث إهانة للقارئ الذي فوجئ أولاً بتعليق الزين، ثم استلب بتعليق الأمين الذي كان قال كلاماً على حافة الشتيمة.
والحق أنّ المقالين متشابهان في مقطع وافر يتحدث عن التحاق الشمال اللبناني وجنوبه بالحرب الأهليّة السوريّة، كما «تواردت» أفكار الرجلين، بوضوح شبه تام، في تقييم موقع المسيحيين في هذا الصراع، فوُضعوا في «إمارة جبل لبنان» الافتراضيّة. والواقع أن الزين كان محايداً في قراءته، والأصح أنه كان يقرأ الأحداث قبل أن يكتبها، على عكس الأمين الذي مال إلى التطرف، ولصق تهمة «نهاية لبنان الكبير» بـ«حزب الله» وحده. وهذا ليس جديداً، تقذف هذه الآراء عشوائيّاً، على فايسبوك تحديداً، والجميع يصيب الجميع بالشتائم. في أي حال، الفكرة ليست اختراعاً، أي إن الشمال اللبناني مع المعارضة السوريّة، وجنوبه مع نظامها. الاختراع هو انسلاخ هذه المناطق عن المسيحيين. الاكتشاف الأهم أنّ البلد ما زال قائماً على «الورق»، لكن يبدو أن الكتابة لم تعد كذلك!