في خضم حلقة أول من أمس من «كلام الناس» على lbci، «تذمّر» مارسيل غانم من كثرة الشتائم التي واجهها البرنامج على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنّ الإعلامي اللبناني تناسى أنّ كل هذا الهجوم كان مجرد رد فعل على ما دأبت الحلقة على فعله طوال السهرة: حقن المواطنين وتجييشهم مذهبياً وطائفياً من خلال الضيوف سالم زهران، و«المارد السنّي» محمد سلام مروراً بعضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو، والقيادي في «التيار الوطني الحر» رمزي كنج، فضلاً عن ظهور صالح المشنوق الذي دقّ المسمار الأخير في نعش الإعلام المسؤول في لبنان، مكرّساً خطاباً يقوم على التطرّف والتخوين.
الحلقة التي تركّزت على معركة القصير، كثرت فيها المفردات وأدوات الشحن بشكل سافر في خطوة قد تكرّس خطاباً جديداً في المشهد الإعلامي اللبناني. هنا، تحيلنا أستاذة الإعلام في «الجامعة اللبنانية» نهوند القادري على نتائج بحثها «قراءة في ثقافات الفضائيات العربية: الوقوف على تخوم التفكيك» (مركز دراسات الوحدة العربية ــ 2008)، لتؤكد أنّ الآلية المعتمدة في هذه البرنامج هذه الأيام تقوم على المسرحة والإثارة عبر «الإجبار على الاختلاف»، ما يوحي للمواطنين بـ«استحالة التلاقي». وتضيف أنّنا «لن نتمكن من إيجاد صحافة فاعلة وسط غياب محاورين قادرين على تمثيل الجمهور». وتركّز الأكاديمية اللبنانية على أنّ الاستراتيجية التي يعتمدها مقدّمو البرامج والإعلاميون اليوم تقوم على «تفكيك كل ما هو مترابط، وخصوصاً المسارات الثنائية. لقد وصلوا اليوم إلى مرحلة تفكيك المفكّك في ظل العجز عن البناء».
بحسب القادري، فإنّ «الإخفاق في معالجة عميقة للمواضيع يؤدي إلى استبدال المعالجة المركزية بتلك الطرفية، ما يتطلّب الكثير من الأكشن» في غياب «الأطر القانونية السليمة التي ترعى العمل الإعلامي، وعبر التذرّع بالديمقراطية». وتوضح أنّ هناك خطاً مستطيلاً بين الناس كأنّه «ممنوع وجود رأي مخالف ضمن المجموعة الواحدة»، مشددةً على أنّنا «نعيش حالة عبثية، وفاقدين للمعاني بسبب الإخفاق الإعلامي على مستوى الإنتاج والأفكار والإدارة والبرامج»، مضيفةً: «نعمل في أجواء مستوردة بعيداً عن آليات العمل المهني، ومتطلّبات التكنولوجيا، ناسين أنّ في الغرب بنية لإدارة الأمور واستيعاب الأزمات». وعن علاقة التكنولوجيا بالرسائل الإعلامية، تقول القادري إنّها تفرض مفاهيم معيّنة: «الكاميرا مثلاً تحب الانفعالات والعواطف والتحيّز، كما وصلنا اليوم إلى عصر الـneo tv الذي يعتمد على الكلام الشعبوي ويغيّب النخبوية». في النهاية، تؤكد القادري أنّ الحصيلة ستكون مدمّرة على صعيد الجمهور. إذاً، «كلام الناس» جزء من المنظومة الإعلامية في دول العالم الثالث حيث الرؤية والوعي غائبان. أمّا أنت عزيزي المشاهد فـ«العوض بسلامتك»!