«إنها أكثر اللحظات حماسة في العمارة اللبنانية»، بهذه الجملة علّقت مجلة التصميم البريطانية Wallpaper على المبنى الجديد للجامعة «اليسوعية» الذي أنجزه المعمار اللبناني يوسف طعمة (1969) مع شركة التصميم العالميّة Architects 109. تضمّن المبنى كليات «الابتكار» و«الاقتصاد» و«الرياضة»، وأهّل طعمة للفوز العام الماضي بجائزة «المعماريين الشباب العرب» التي نظّمها «معهد العالم العربي» في باريس. من بين 140 معمارياً من المغرب والجزائر ومصر وتونس وسوريا وفلسطين والأردن والسودان وغيرها من البلدان العربية، حصد طعمة الجائزة إلى جانب اثنين آخرين من المغرب.
عندما عاد يوسف طعمة إلى بيروت قبل سنوات، كانت هذه اللحظة نافذة على تجربة جديدة سيخوضها، ولّدت لديه أسئلة كثيرة عن الهندسة المعمارية والتنظيم المديني في العاصمة اللبنانية وكيفية تحديد هويتها. انفتاح المدينة الثقافي والاجتماعي قبل الحرب، والازدهار العمراني الذي عرفته توقّف فجأة مع الحرب الأهلية، لتصبح السنوات الـ 15 القاسية التي عاشها لبنان أشبه بفجوة، تجمّد خلالها الزمن ومعه التطوّر. بعد الحرب، بدأ العمل على اللحاق بركب التطوّر العالمي وسدّ تلك الفجوة، وذلك الإحساس بالتأخّر. هكذا، جاءت مرحلة «إعادة الإعمار» واجتاحت العمارات بيروت التي شهدت تطوّراً هستيرياً في هذا المجال، واستيراداً عشوائياً لنماذج معمارية افتقرت إلى الرؤيا وفكرة تناغمها مع البيئة المحيطة. نماذج طمست بيروت وذاكرتها، وأحدثت هذه النماذج قطيعة مع ملامح المدينة وهويتها وإرثها الحضاري والثقافي الذي تشكّل العمارة مرآة له. باختصار، لم تعد بيروت ترى وجهها في مرآتها أي العمارة! هذا ما يؤمن به يوسف طعمة المسكون بفكرة تناغم العمارة مع المجتمع والبيئة والإرث الثقافي والاجتماعي للمكان. انطلاقاً من هذا المبدأ، خاض تلميذ المعمار العالمي جان نوفيل مشاريعه الكثيرة. واليوم، ها هو «يتورّط» في مغامرة جميلة أخرى في رحلته المعماريّة، لتضاف إلى أعماله الرائدة مثل فضاء «أشكال ألوان»، فقد أوكل إليه تولّي المشروع المديني في «برازا» في بوردو الفرنسيّة، حيث سيقود طعمة هذا المشروع الضخم. وفي هذه المناسبة، يستضيفه «المعهد الفرنسي في بيروت» ليقدّم ندوة عن هذا المشروع عند السادسة والنصف من مساء غد الجمعة. في كل مشاريعه، يفكّر يوسف طعمة في العالم الذي نعيش فيه. حين يريد وصف لبنان، تراه يشبّهه بمنحوتة جياكوميتي «الرجل الذي يمشي». يقول هذا الفنان على موقعه: «لبنان يشبه رجل جياكوميتي الذي لم يعد فيه سوى العظام، لكنّه ما زال يمشي. هذا ما أحاول أن أترجمه عبر أشكال السماكة والرفع. فالعمارة يعني أن تعكس العالم الذي تعيش فيه».



«Limites- Projet Urbain de ‹Brazza› à Bordeaux: «المعهد الفرنسي» (طريق الشام _ بيروت): السادسة والنصف من مساء الغد ـــ للاستعلام: 01/422032