التجربة التي انطلقت كـ «روك بديل» داخل ثانوية باريسية عام 1987، ما لبثت أن تحوّلت إلى موسيقى إلكترونية بعد رحلة اكتشاف عوالم الديسكو في لندن، لتنتقل إلى موسيقى «آلية» تجديديّة. تجمع Daft Punk كلاً من توماس بانغالتير (1975) وغي مانويل دو هوميم كريستو (1974) الرائدين في الموسيقى الإلكترونية منذ عام 1992. أما آخر محطّات رحلتهما، فكانت مع ألبومهما الرابع Random Access Memories الذي حصد انتشاراً قياسياً فور صدوره في 21 أيار (مايو) الماضي، سواء عبر المبيعات الرقمية، أو الأقراص المدمجة: 195 ألف نسخة في فرنسا، و339 ألفاً في أميركا خلال أسبوع، فيما تربّع على عرش مبيعات الألبومات في بريطانيا خلال أسبوعين بـ 118 ألف نسخة. أما أغنية Get Lucky، فقد حقّقت مبيعات بلغت أكثر من مليون نسخة!
أثبت صاحبا القبعات الآلية أنّهما في مصاف «آلهة» الموسيقى الإلكترونية. بعد ألبوم Human After All (2005) صمت الثنائي طويلاً، لتحرّك عودته لهفة المعجبين الذين اقتنوا آلاف النسخ من الألبوم الجديد. أما الهيئات المشرفة على بيع الموسيقى في فرنسا، فقد رأت أنّ Random Access Memories حقّق أفضل النتائج في سوق الألبومات منذ عام 2007.
جديد «الآليين» حرّك اتجاهين لدى النقاد والجمهور، فيما عدّه البعض ضربة معلّم في مسيرتهما الفنية، رآه آخرون مجرّد خلطة احترافية لكنها قاصرة عن نقل العالم الحقيقي لـ «دافت بانك» الشبيه بألبوماتهما الأولى، لكن هناك من وصف الإصدار الجديد بأنه مجرّد منتج تجاري، ساعدت أضواء الإعلام والحملة التجارية الموجهة على انتشاره السريع. تهمة «المنتج التجاري» نفاها المدافعون عن المشروع، مؤكّدين أنّ من يصدر ألبوماً واحداً بعد ثماني سنوات لا يراهن على حسابات السوق والمبيعات، وخصوصاً أن الألبوم من إنتاج خاصّ، لا من خلال شركة أملَت خياراتها على الثنائي.
بعيداً عن المنتقدين والمدافعين، نجحت «دافت بانك» في المزج بين أصواتها الآلية وإيقاعات موسيقى الفانك والديسكو التي استحضرت موسيقى سبعينيات القرن الماضي. هكذا جاء الألبوم بمثابة اعتراف بالـ «جميل» لموسيقى الديسكو، وشكل من الحنين إليها تجسَّد في تأثيرها على العديد من أغنيات الأسطوانة مثل أغنية Giorgio by Moroder التي تكرّم جيوفاني جيورجيو مورودير أحد أبرز مؤلفي الديسكو الذين طبعوا تاريخها. مدّة المقطوعة 9 دقائق تستعيد جورجيو بصوته، سيرته وسيرة موسيقاه. لا تتوقف الاختلافات في الألبوم على مسألة الوقت، بل تصل إلى الإيقاعات، والأصوات. في بعض الأغاني، تحفظ المجموعة صوتها الآلي الذي طبع ألبومها الأول والثاني، فيما احتوت أغنيات أخرى أصوات مغنين شاركوا الثنائي الفرنسي في إنتاج الألبوم. أبرز أغاني الألبوم Get Lucky أنجزت بمشاركة الرابر والمغني والمؤلف الأميركي فاريل ويليامز وحقّقت مبيعات خيالية. تساءلت صحيفة الـ «نيويورك تايمز» ما إذا كانت الأغنية السعيدة والراقصة ستدوم خلال الصيف. إلى جانب فاريل ويليامز، تعاون الثنائي مع بعض الموسيقيين الأميركيين، وربما هذا ما يفسّر النجاح الأميركي الذي لقيه الألبوم، ليحقق ثاني أهم المبيعات في الولايات المتحدة خلال السنة الحالية. من هؤلاء الموسيقيين، المؤلف والمغني الشهير بول ويليامز، ومغني «الهاوس» تود إدواردز، والروكر جوليان كازابلانكاس، إلى جانب مؤلف الموسيقى الإلكترونية التجريبية باندا بير، وعازف البيانو والرابر شيلي غونزاليس، وعازف الغيتار والمؤلّف نيل رودجرز. تجربة الثنائي الفرنسي الجديدة حققت الأساس في إعادة إنتاج أصوات السبعينيات. وقد غلب استعمال الآلات الموسيقية على الأصوات الإلكترونية في معظم أغنيات الألبوم الـ 13. كأنّ آلة الزمن تعود بالآليين إلى زمن السبعينيّات. هذه التجربة تضاف إلى رحلة الفرقة التي ألهمت خلال العقدين الأخيرين العديد من التجارب، سواء الإلكترونية منها أو في أصناف أخرى. هذا الثنائي يحبه أيضاً منتجو الأفلام! فقد استُدعي أكثر من مرّة لإنجاز موسيقى بعض الأفلام كـ «الرجل الحديدي 2»، و«المأوى الإسباني»، وTron.
ما استطاعت «دافت بانك» تحقيقه في رحلتها هو الانتقال عبر الزمن والأنماط الموسيقية، وإعادة تركيبها للسفر بها إلى المستقبل، والدليل إعادة إحيائها الديسكو في ألبومها الرابع.

http://www.daftpunk.com




في رصيدهما

في عام 1997، أصدر الثنائي الفرنسي أسطوانتهما الأولى تحت عنوان Homework، ليعودا بعد أربع سنوات مع Discovery (2001). و في عام 2005 أصدرا ألبومهما الثالث Human After All، ثم Random Access Memories هذا العام. وإلى جانب هذه الأعمال، يحتوي رصيد «دافت بانك» على ألبومات ريميكس عديدة، وألبومين مسجّلين من حفلاتهما هما: Alive 1997 وAlive 2007.