كان خالد خليفة (1964) ينتظر صدور روايته الرابعة «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» (دار العين) في القاهرة، ففاجأته ذبحة قلبية أول من أمس في دمشق. خبرٌ ضجّت به مواقع التواصل، وتهافت أصدقاؤه وقراء أعماله على الاطمئنان إلى حالته، والكتابة على صفحته الخاصة في موقع فايسبوك.
وكان صاحب «مديح الكراهية» الرواية التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية في نسختها الأولى، قد أصيب بالذبحة أثناء سهرة مع عدد من الأصدقاء في مطعم وحانة «القصبجي» التي تحولت، مع بعض المطاعم الأخرى في دمشق القديمة، إلى عنوان ثانٍ له وللعديد من المثقفين والفنانين في الليالي الشامية التي كانت عامرة بالفرح والنقاشات، قبل تقطع الحضور فيها بسبب الأوضاع المتفجرة منذ أكثر من سنتين. إلى مستشفى «دار الشفاء»، نقله الأصدقاء، حيث أُجريت له الإسعافات اللازمة، ووُضع تحت العناية المشددة، قبل أن يستقر وضعه بالتدريج، ويُنقل إلى غرفة عادية.
الروائي والسيناريست الذي لا يفارق العاصمة السورية إلا ليعود إليها سريعاً حتى وهي عُرضة للقصف والتفجيرات وانقطاع الكهرباء والوقود والاتصالات، كان قد فوجئ بمنعه من السفر قبل أسبوعين وهو يستعد للسفر إلى بيروت، ومنها إلى القاهرة. هكذا، «تحالف» القلب المتعب والقرار الأمني على إبقائه في المدينة التي يعشقها، والتي أنجز فيها تجربته في الرواية والدراما التلفزيونية، وتحول إلى واحد من وجوهها المحببة إلى جانب نخبة الكتّاب والشعراء والعاملين في الدراما. رغم التطورات التي حولت الحراك السوري إلى حرب طاحنة وصراع دولي على سوريا نفسها، ظل صاحب «حارس الخديعة» على صلة بالطموحات والأهداف الأولى للتغيير الذي طالبت به الاحتجاجات. الأحداث التي أعادت «مديح الكراهية» إلى الواجهة، جعلته متفائلاً بطبعة منقحة وأقل عنفاً من طبعتها الأولى التي تناولت الصراع الذي حدث في أوائل الثمانينيات في القرن الماضي، لكن الأوضاع تطورت باتجاهات باتت تهدد بصراع طويل إذا لم يُقدّم حلٌّ سلمي يوقف ما تشهده سوريا من قتل ودمار وتشريد. لا شك أن الصورة الحالية باتت مقلقة للكثير من المثقفين والمعارضين السوريين، وليس لخليفة فقط الذي كان ينتظر روايته الجديدة، بينما كنا نتابع خبر ترشيح الترجمة الانكليزية من «مديح الكراهية» لجائزة جريدة الـ«اندبندنت» للرواية العالمية. قلب خالد خليفة الذي يعود إلى طبيعته الآن، كما قال لنا في اتصال هاتفي، لا يزال ذلك القلب الذي يخاف على سوريا ويريدها أن تكون محكومة بالأمل.