«يا شماتة النظام السوري بك يا أردوغان»! هكذا ردّد أحد السوريين وهو يتابع مشاهد التظاهرات الشعبية التي عمّت اسطنبول ومدناً أخرى وتفرّغت لتغطيتها المحطات الموالية للنظام السوري مثل «العالم» و«الدنيا»، إضافة إلى الإعلام الرسمي السوري. فيما سأل لبناني مهتم بالشأن التركي على تويتر عن نديم قطيش بنسخته التركية عساه يصرخ «يا شباب ويا صبايا يلا يلا ع السرايا»، والتفت بعض عشاق الدراما لنور ومهند والسلطان وهم يشاركون في «الربيع التركي»!فجأة، تاه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حين أصدرت حكومته قراراً بتحويل حديقة «جزي بارك» المطلة على ميدان «تقسيم» وسط اسطنبول إلى مركز تجاري، وإذا بثورة تزلزل عرشه مع زحف آلاف المتظاهرين يوم الجمعة إلى ميدان «تقسيم»، ما دعا خليفة العثمانيين إلى اعتلاء منبر الخطابة، لكنّه بدا هذه المرة متأثراً بخطابات الرؤساء العرب الذين أطاح بهم الربيع العربي.

هنا، تلقفته ألسنة الشامتين، فانقض الإعلامي المصري عمرو أديب في برنامجه «القاهرة اليوم» على قناة «اليوم» ليسخر من خليفة العثمانيين وخطابه السريع بعد المظاهرات و «الفلول» الذين يضربون المتظاهرين.
لكن ذلك ليس سوى نقطة في بحر تصريحات وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الذي تفتّقت قريحته على تصريحات مزجت السخرية بالسطحية. هكذا، توجّه إلى أردوغان، قائلاً «يجب الافراج عن معتقلي الرأي في تركيا ولا مبرر لاعتقال هذا العدد الهائل من المتظاهرين». ومن يدري، قد يتوصّل الإعلام السوري بعد أيام إلى أدلة تثبت وجود رئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش ورفاقه، وعشرات الفنانين والإعلاميين السوريين المسالمين في أقبية الاستبداد الأردوغانية! لا ضير في ذلك، فالوزير السوري أردف بالقول «المتظاهرون ليسوا إرهابيين وهناك فرصة لأردوغان لوقف العنف في تركيا، وعليه احترام إرادة شعبه وأن يغادر تركيا إلى الدوحة التي قد تستضيفه».
طبعاً تكرار بعض الجمل التي أطلقها أردوغان بحق الرئيس السوري بشار الأسد عند اندلاع الانتفاضة السورية، جعل الإعلام السوري الرسمي يكشف عن رغبته بالتشفّي من «حزب التنمية والعدالة» الاسلامي لكن بطريقة مراهقة تعتمد إعادة نفس الجمل التي سبق أن قالها رئيس الوزراء التركي، ثم بفتحه استديو البث المباشر للفضائية السورية لانتقاد فتح خراطيم المياه على المتظاهرين ورشهم بمادة الفلفل! في السياق نفسه، كانت الإخبارية السورية على وشك وضع فواصل من دبكات شعبية احتفاءً بهبوب رياح «الربيع التركي»، فيما فتحت «الميادين» بثها المباشر لتغطية ميدان «تقسيم» مع وجود فريقها هناك، وهو ما فعله تلفزيون «العالم». لكن النكتة الأكثر مدعاة للضحك كانت تلك التي نسبها التلفزيون السوري لوزارة الخارجية والمغتربين التي نصحت مواطنيها السوريين بعدم السفر إلى تركيا حفاظاً على سلامتهم بسبب تردي الأوضاع الأمنية هناك! ربما لم تسمع بعد وزارة الخارجية بملايين النازحين السوريين وأوضاعهم المأساوية.
مقابل كل هذه الشماتة والسخرية في وسائل الإعلام الداعمة للنظام السوري، تعاطت «الجزيرة» و «العربية» بخفر مع التظاهرات، كأننا بهما تقولان: «بلاش إحراج»!