إذا كانت الكوميديا تنتصر للإنسان بكل نقائصه وزلاته، لا يبدو أنّ صناع فيلم «تتح» عابئين لقيمتها، إما بدافع عدم الإدراك أو الاستسهال. منتج الفيلم أحمد السبكي المنتمي إلى عائلة تشتهر بإنتاج الأعمال الرخيصة المعتمدة على التهريج، كرّر هذه التوليفة في تجارب سابقة. محمد سعد الممثل الموهوب بشهادة كل من رآه على مسرح «معهد الفنون المسرحية»، لم يخرج من عباءة «اللمبي» في فيلمه «تتح». شخصية الشاب المنتمي إلى منطقة شعبية وصاحب العيوب في النطق، حقّقت له الوجود في الصف الأول من نجوم شباك التذاكر منذ ظهورها الأول في فيلم «الناظر» (2000). بعدها، قدّمها في فيلم «اللمبي» (2002) الذي حقق أعلى إيرادات في شباك التذاكر. استثمر سعد ومنتجوه المتعطشون للإيرادات هذه الشخصية، فقدموا جزءاً ثانياً في العام التالي بفيلم «اللي بالي بالك»، ثم خرج من عباءة الشخصية لإعادة تدويرها تحت اسم مستعار في «عوكل» (2004)، و«بوحة» (2005)، و«كتكوت» (2006)، و«كركر» (2007)، و«بوشكاش» (2008). مع انخفاض إيراداته، عاد إلى أيقونة نجاحه فقدم جزءاً ثالثاً بعنوان «اللمبي 8 جيجا» (2010) إلا أنها لم تحقّق له النجاح.
رغم ذلك، لا يتورّع سعد عن الالتفاف حول اللمبي وإعادة تقديمها ثانية وثالثة. تتميّز تنويعات «اللمبي» وآخرها «تتح» ببعض السمات، أهمّها البلاهة، والحركات الجسدية الناتجة من إعاقة ما، وطريقة النطق.
لا تختلف قصّة «تتح» عن أفلام سعد السابقة: رجل فقير وطيب مستعد لمساعدة الجميع. تدور أحداث «تتح» حول شخصية تتح وابن أخته (عمر مصطفى متولي) اللذين يسكنان في بيت المعلم عطوة (سيد رجب). يقدم سعد الصورة النمطية لصاحب الملك الجزار البلطجي ذي الوجهين، وجاره (سامي مغاوري) الذي يلتقيه تتح في السجن، فيحكي له عن أسرار حياته. هنا، يجد تتح نفسه متورطاً في إنقاذ قريبة هذا الرجل (دوللي شاهين) من أبناء عمومها الأشرار. وكالعادة، ينتهي الفيلم بانتصار الأبطال الطيبين في مواجهة أولاد العم الأشرار، ويصبح تتح من الأغنياء. لا تهمّ بنية القصة ولا الصورة. المخرج سامح عبد العزيز استسهل التركيز على وجه سعد ليظهر بلاهته اعتقاداً منه أنّه نوع من الفكاهة. أما أداء الممثلين، فقد جاء كتمهيد لـ«إفيهات» سعد الذي شارك غناءً ورقصاً في الأغنية التي تقدمها بوسي في الشريط، أكثر المطربات الشعبيات رواجاً هذه الأيام. على الكوميديا تعرية الواقع بفجاجته قبل كل شيء، لكن يكفي في «تتح» أن تحتوي على الإفيهات، وصفعات يوجّهها البطل لمن يقابله، ولبعض الإيحاءات الجنسية.
«تتح» بدءاً من 6 أو 13 حزيران (يونيو) ـــ صالات «غراند سينما» ــ للاستعلام: 01/343143
3 تعليق
التعليقات
-
أما إذا شعرت أن كل تلك أما إذا شعرت أن كل تلك العناوين لم تستطع إخراجك من حالة النكد اليومي التي تعيشها، فلا مانع لديهم من مداعبتك عبر عنوان بسيط ومسل:" كركر"! وعلى الرغم من الأزمات التي سببتها بعض العناوين المصرية، من مثل الأزمة الدبلوماسية التي أثارها فيلم" ولا في النية أبقى فلبينية" بين مصر والفلبين قبل سنوات، فإن الذهنية المبدعة لن تتوقف- على ما يبدو- عن أداء دورها الثقافي ورسالتها الفنية عبر عناوين قادرة على ملامسة نبض الشارع بكل صدق وشفافية! عباده تقلا [email protected]
-
ومن باب إثبات عرابي السينما ومن باب إثبات عرابي السينما المصرية أصالة انتمائهم لبيئتهم والتصاقهم بمفرداتها، خرجوا علينا بكم هائل من جمل الحوار اليومي المغرقة في اللهجة المصرية، جاعلين منها عناوين مرحلتهم وأفلامهم. عناوين من مثل: أنا مش معاهم، حوش يلي وقع منك، عايز حقي، كده رضا، خليك في حالك، إكس لارج، والقائمة تطول. - دون أن يغيب عن ذهن تلك السينما إنتاج عناوين أفلام تعكس أناقتها وارتفاع - ذائقة صانعيها، من مثل :" أشيك واد في روكسي." وإذا ما ساورك الشك في ثقافة وموهبة القائمين على تلك السينما، فإن عناوين من مثل: سامي أوكسيد الكربون، أمن دولت،حاحا وتفاحة، همام في امستردام، بليه ودماغو العالية، ستبدد أي شك لديك ، وتثبت لك أن وراء تلك التسميات شعراء من نوع خاص. لا حظ هنا أن الفيلمين الأخيرين هما للممثل محمد هنيدي، الذي فصلته تلك السينما على قياسها، ثم روجت له بهدف فرضه على الجمهور نجماً يهز عروش ملوك الكوميديا في السينما المصرية، مع أنه ليس أكثر من ممثل عادي. وكإثبات آخر على علو كعبهم في ميادين الفكر والثقافة يقدمون لك مثالاً مبهراً على أهمية النقطة في حياتنا وثقافتنا، فيحولون بلمسة سحرية مفردة دارجة في الشارع المصري وهي " لحمة راس" إلى عنوان فيلم هو " لخمة راس"! كما يتلاعبون بألفاظ الكلمات ما بين العامي والفصيح، فيخرجون علينا بفيلم يحمل عنوان" ظرف طارق".
-
كرنفال العناوين في السينما كرنفال العناوين في السينما المصرية كلما تابعت أحد أفلام السينما المصرية المنتجة في السنوات الأخيرة، تذكرت كلمات الفنان المصري هشام سليم، و هو يوصّف حال الجيل الجديد في تلك السينما بقوله: " اعتادت السينما المصرية منذ ولادتها أن يقوم الجيل الجديد فيها بتسلّم الراية من الجيل الذي سبقه، أما الجيل الحالي لهذه السينما فهو ببساطة شديدة جيل لم يستلم من أحد." و يبدو أن ذلك الجيل الذي لم يستلم من أحد، لم يكتف بسطحية معظم أفلامه التي يقدمها، بل قرر أن يزيد عليها سطحية العناوين، ربما لقناعته أن تلك الإضافة ستزيد في جاذبية أفلامه، و نجومها المصنعين. و بناء عليه اشتعل السباق المحموم بين صناع تلك الأفلام بغية اتحافنا بآخر ما توصلوا إليه من تسميات وعناوين غريبة، لا يبدو أن أحداً مهما علا شأنه قادر على الوقوف في وجهها أو دفع شرها. فسور الصين العظيم بكل شموخه و امتداده، قزمته عقلية أسواق تلك السينما، وحولته مرغماً إلى عنوان أحد أفلامها، و نقصد به " فول الصين العظيم". و لم يكن حظ الشخصية التاريخية" الناصر صلاح الدين" بأفضل من السور، إذ قفزت التسمية إلى أفيش أحد الأفلام مع تغيير بسيط يلائم المرحلة " الناظر صلاح الدين"! أما أغنية المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، " خلي السلاح صاحي" التي رددت على شفاه الملايين في زمن من الأزمنة، فقد تم التذكير بها مع تعديل يبعد السلاح، و يستبدل به الدماغ، لنكون مع فيلم يحمل عنوان " خلي الدماغ صاحي". و ربما يهدفون من وراء ذلك العنوان شحذ همم بعضهم، كي تبقى أدمغتهم في صحوة دائمة، فلا نحرم اجتهاداتهم واقتباساتهم.