معركة إعلامية شرسة تخاض اليوم بين المؤسسات الإعلامية المناوئة لـ«حزب الله» من جهة، والمناصرة له من جهة أخرى. تصاعدت حدّة هذه الحرب أخيراً قبل أن تبلغ ذروتها بعد كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في «عيد المقاومة والتحرير». «الجزيرة» هي رأس الحربة في هذه المعركة، واليوم أصبح الحزب اللبناني الرقم واحد على لائحة المحطة القطرية، متناسية معركتها مع النظام وشخص الرئيس السوري بشار الأسد.
بعد خطاب نصر الله يوم السبت الماضي، دقّت ساعة الصفر بالنسبة إلى القناة، ففُتحت النار، وبدأ تنفيذ خطة معدة مسبقاً. أوكلت المهمة في قناة الدوحة لبعض الصحافيين اللبنانيين وآخرين من مؤيدي «الإخوان المسلمين». في هذه الظروف، يكون اللعب على الوتر الطائفي أسهل وأقصر الدروب للوصول إلى الجماهير. تسمية يوم الجمعة الماضي في سوريا «جمعة دجّال المقاومة/ القدس ليست في حمص» حصلت بجهد لوبي «الجزيرة»، إضافة إلى إجراء استطلاعات رأي تحريضية تتعلّق بـ«حزب الله» مثل سؤال حلقة «الاتجاه المعاكس» لفيصل القاسم (22:05 ـــ اليوم): «هل تعتقد أنّ «حزب الله» أصبح عدواً في نظر غالبية العرب والمسلمين؟» (الأخبار 27/5/2013). هنا، تحدث كثيرون عن تزوير المحطة لنتائج هذه الاستطلاعات، إذ نشرت أخيراً على فايسبوك صورة تظهر «تلاعباً» بنتيجة سؤال حلقة القاسم عبر مقارنة بين نسبة الأصوات المؤيدة والمعارضة في غضون أقل من ثلاث ساعات.
في المقلب الآخر، سلكت قناة «المنار» ــ للمرّة الأولى منذ زمن ــ طريقاً عنوانه مصارحة الجمهور في محاولة لتغطية كل المواضيع الإعلامية التي تستهدف موقع المقاومة. ومنذ أسبوع، بدأت القناة تقرّ بأنّ هناك مَن يحرق أعلام المقاومة وصور زعيمها في سوريا وتتطرّق إلى «شهداء الحزب هناك».
بين الإعلامين، ظهرت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تطلق على نفسها اسم «المقاومة الالكترونية» وتضم أعداداً كبيرة من النشطاء، قد تزيد على 400 ألف. يقول ربيع «آدمن» بعض المجموعات لـ«الأخبار»: «نحن متخصّصون في الحرب النفسية خصوصاً تلك التي تستهدف المقاومة»، مضيفاً: «درسنا طريقة تعاطي الإعلام الإسرائيلي معنا طوال سنين طويلة»، مبدياً أسفه لكون «الأسلوب السائد اليوم مشابهاً لطريقة العدو». ورغم أنّهم غير منظمين، لكنّ ربيع يفاخر بانتماء مجموعاته وتلك الحليفة لها فكرياً إلى خط المقاومة، مشيراً إلى أنّ «واجبنا مواجهة الأخطار المحدقة بنا كجمهور. تثقيف الشباب والعمل على وعيهم يعدّ أحد أهم العوامل المساعدة لإكمال المرحلة». ورأى ربيع أنّ المواقع الافتراضية «أقرب إلى الشباب، والمعركة اليوم أصعب من حرب تموز 2006». وحين تسأله عن «الجزيرة»، لا يبدي الشاب اهتماماً كبيراً، بالنسبة إليه «الانتصار حتمي لكنّ المسألة تحتاج إلى وقت». بعيداً عن أهداف الحرب بالنسبة إلى طرفيها، إلّا أنّ السؤال يبقى: ماذا ستقول «الجزيرة» لجمهور بثت له يوماً برنامجاً قال فيه أحد مراسليها: «من هنا من قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وعاصمة المقاومة كما يحبّ أن يسميها أهلها، «حزب الله» آخر الرجال المحترمين».