تحت عنوان «الإعلام اللبناني في أعنف معركة في لبنان منذ الحرب الأهلية»، تفرد إحدى صفحات الفايسبوك التابعة للتيار المدني في طرابلس، الرافض للاقتتال بين جبل محسن وباب التبانة، صورة تجمع ثماني قنوات محلية راحت تعلّم المشاهدين آداب ركوب الطائرة («حلوة الحياة» lbci) وكيفية الطهو على «نار لطيفة» (otv)، واكتشاف الفضاء (المنار) وغيرها من البرامج التي تسلخ المشاهد عن الواقع.
المواكبة الإعلامية لما يجري في طرابلس جاءت مختلفة هذه المرة بسبب وتيرة العنف الذي لم يوفر المدنيين ولا الجسم الإعلامي. صحيح أنّ القنوات تعطي شأناً للتغطية هناك في نشراتها الإخبارية وأخبارها العاجلة وعلى مواقعها الإلكترونية، إلا أنّ ذلك لا يعفي قراراً ـــ ربما خفيّاً ـــ بتقليل مساحة التغطية الميدانية نظراً إلى الانفلات الأمني الحاصل. في التغطية التلفزيونية لأحداث طرابلس، مثّل التركيز على معركة القصير في سوريا مدماكاً لها. هكذا، ركّزت مقدمات نشرات الأخبار أول من أمس على تورط «حزب الله» في معركة القصير كما أوردت mtv وlbci و«المستقبل». فيما غردّت otv خارج سرب المعارك الحربية الى أخرى انتخابية. أما «المنار»، فتوغّلت في خطة سير المعارك في القصير. هذا على الشاشات، أما في الميدان، فالصورة موجعة وتحديداً للجسم الصحافي المنتشر داخل أحياء طرابلس أو على الأطراف. هذه المرة أرض المعركة تحكم الخناق على الصحافيين وتحدّ من تحرّكهم داخل المحورين، إضافة الى صعوبة تنقل بعض القنوات داخل أماكن معينة لعدم توافر الأرضية الشعبية لاستقبالها.
تروي مراسلة «الجديد» راشيل كرم التي لطالما واكبت الأحداث الدائرة في طرابلس لـ«الأخبار» أنّ التغطية تواجه عوائق عدة بسبب الحالة الأمنية ووضع القناة التي باتت تغطيتها غير مقبولة لدى الطرفين. لذا تلجأ أحياناً إلى التخفّي عند التنقل وتثبيت سيارة النقل المباشر SNG في مكان واحد مع تمويهها، خوفاً من أي اعتداء. ولدى السؤال عن تأثير هذه العوامل على الحصول على المعلومات والصور الحية من داخل المحاور المتقاتلة، تؤكد كرم على علاقاتها الواسعة بالأطراف المعنية التي ترسل لها المعلومات والصور، وإن اضطرت مرةً إلى الاستعانة بخدمة الـ«واتس آب» لإجراء المقابلة ونشر الفيديوهات. ويشكّل ذلك سبباً رئيساً لانحسار التغطية الميدانية، فأول من أمس، تعرّض طاقم «الجزيرة» الإنكليزية لستّ رصاصات في طرابلس واقتصرت الأضرار على الكاميرا.
من جهتها، تتحرك مراسلة lbci هدى شديد في مساحة جغرافية أكبر بسبب قبول محطتها عند جميع الأطراف، كما تقول لـ«الأخبار». وتروي كيفية تعرضها للقنص أثناء وجودها في جبل محسن وتهريبها عبر ثكنة الجيش. تؤكد أنّ محطتها تولي الأهمية لهذه المعركة «وفتح الهواء» طيلة 24 ساعة، واصفة المدينة «بالوحش الصغير» الذي بدأ ينمو وسط كمّ من الأحقاد.