لقد انكسرت قيثارته أمس على أبواب الثمانين. جورج موستاكي (١٩٣٤ ـــ ٢٠١٣) الراعي الاغريقي ذو اللحية البيضاء، والشَعر المتطاير في رياح الجهات الأربع، كما في أغنيته الشهيرة «الغريب»، أقفل ديوانه الحافل بالأسفار والقصائد والمغامرات والأحلام. ذهب على الأرجح لملاقاة كل هؤلاء الذين أحبّهم وتقاسم معهم الخبز والخمر والأوهام والحبّ والأنغام والكلمات.
وكتب لهم الأغنيات: إديث بياف (ميلور)، وداليدا (جي جي لاموروزو)، وبربارا (السيّدة السمراء الطويلة)، وسيرج ريجياني (حريّتي)… اهتدى أخيراً إلى تلك «الحديقة الفاضلة التي تشبه الأرض». قبل خمس سنوات خانته رئتاه في برشلونة، فاعتزل الغناء. أمضى أيّامه الأخيرة في نيس، بعيداً عن جزيرة سان لوي الباريسيّة، ليقترب من شمس المتوسّط التي فتح عينيه عليها في الاسكندريّة. يوسف موستاشي (صار جورج تحيّة لمعلّمه براسينز) ابن العائلة اليونانيّة المهاجرة، ترعرع في مصر وحمل عصرها الذهبي وانفتاحها في ترحاله الطويل، كما حمل لغة الضاد في قلبه ووجدانه.
في السابعة عشرة كانت ولادته الثانية في باريس، ارتمى في أحضانها البوهيميّة، ليترك بصماته على الأغنية الفرنسيّة التي تفقد برحيله أحد آخر رموز عصرها الذهبي. إنّه الرجل الرقيق والأنيق، والساحر الاسكندري، المسافر وعابر الثقافات، وغاوي النساء. «ابن الضباب» كما عنون كتاب سيرته الذاتيّة. ذلك الكوسموبوليتي التائه الذي اتخذ اللغة الفرنسيّة موطناً،، غنّى الحبّ والغربة والحريّة و«الحقّ في الكسل» و«الثورة الدائمة» والمناضلين الفوضويين «ساكو وفانزيتي». بقي تروتكسيّاً حتّى النهاية، وأيّد في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة مرشّح اليسار الراديكالي. إنّه حصّتنا، نحن أهل الجنوب، من اللغة الفرنسيّة، لغة العشق والشعر والتمرّد والتنوير.
يمكنكم متابعة بيار أبي صعب عبر تويتر | PierreABISAAB@
6 تعليق
التعليقات
-
سلمت يداك سيد عمرما هو أدهى ياسيد عمر أن الرص يتم بقلم رصاصهم من جهة، ومن جهة أخرى برصاص من عندنا.بالمختصر، تكمن المشكلة الأساس في جهلنا المرصوص. أصلحني الله تبارك وتعالى وكل فاسد من أمور المستضعقين.
-
بيار أبي صعب - جورج موستاكيهلق ما شفت من موستاكي غير دعمو لفيليب بوتو بالإنتخابات الفرنسة و ما جبت سيرة عشقو لإسرائيل؟ غريب! و على شو ""إنّه حصّتنا، نحن أهل الجنوب، من اللغة الفرنسيّة، لغة العشق والشعر والتمرّد والتنوير." طيب إقرأ هالمقابلة الحلوة: http://www.israelvalley.com/news/2013/05/24/40138/georges-moustaki-les-israeliens-ont-des-pulsions-pacifiques
-
فرنسات ام فرنسا واحدة: جان جاك روسو ام ان كان جاك رصه؟من حيث النظرية فمعك كل الحق ايتها العزيزة هيفاء ولكن من حيث التطبيق ومن حيث يجلس جورج ابراهيم عبدالله ومن حيث يرقد مليون ونصف مليون شهيد جزائري وغيرهم الملايين من ضحايا فرنسا حول العالم فانا لا ارى اي شئ من ذلك الشعر والفلسفة والتفكير والكتابة والفن. ماذا يهم جورج ابراهيم عبدالله كل ما قاله روسو وفولتير اذا كان من يحكم فرنسا هو روبسبير؟ ما لم نصل الى ادراكه بعد هو ان علينا ان نتوقف عن الانسطال بكل ما لدى الغرب من افكار ونظريات وسياسات. فهم قد وضعوا كل ما لديهم من فلسفة وفكر وادب وفن لانفسهم وليس لنا. وتقوم الانتخابات في بلادهم حول من يلتزم بافكار جمهورياتهم ومبادئها. ولكنهم لم يضعوا تلك النظريات لتطبيقها خارج حدود بلادهم كما نتوهم. في الخارج هم نفس الوحوش الذين نعرفهم. افكارهم السامية ليست الا دعاية جميلة لهم لكنهم لا ينوون تطبيق اي منها في بلادنا. ماذا فعل نابليون في مصر؟ ماذا فعلت فرنسا في سوريا ولبنان والجزائر وافريقيا؟ ماذ فعلت بريطانيا في مصر وفلسطين والعراق وافريقيا؟ كيف يتم التوفيق بين مبادئ الديموقراطية البريطانية "العريقة" و"المرموقة" وبين السفن التي كانت تحمل العبيد من افريقيا الى اميركا. كل قوانين ومبادئ ونظريات وفنون وافكار وموسيقى فرنسا لم تستطع ان تخرج رجل من السجن انتهت محكوميته منذ عشرة سنوات. فيا فرحتي بعصر الانوار وبجان جاك روسو لانه في النهاية وكما كنا نتندر في ايام الطفولة فان اسم ذلك الفيلسوف "العملاق" حين تتم ترجمته الى اللغة العربية هو "ان كان جاك رصه" وهذا بالمختصر المفيد هو الوجه الحقيقي لفرنسا واوروبا خارج حدودها. وقد رصونا وما زالوا يرصون.
-
فرنسا والفرنسية والفرنساوية: فكرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمي"اللغة الفرنسيّة، لغة العشق والشعر والتمرّد والتنوير." واكبر دليل على ذلك هو جورج ابراهيم عبدالله.