حفلتان متتاليتان لرفيقين في النضال والموسيقى. زياد الرحباني الليلة (راجع المقالة أعلاه)، وخالد الهبر مساء الغد في «قصر الأونيسكو». إذا كانت أمسية الرحباني تشكِّل مفاجأة للجمهور شكلاً ومضموناً، فحفلة الهبر تعتبر مألوفة في نظر متابعيه، ولو أنها تتضمّن جديداً في البرنامج، كما في معظم إطلالاته. لخالد الهبر هوية خاصة به، وأسلوب في العمل وهدف ثابت من الفن لم يتبدَّل مع التغيّرات التي أصابت البلد مطلع التسعينيات، وغيّرت معالم كثيرة شملت فنانين زملاء لصاحب «عائد إلى حيفا».
ثمة إضافة دخلت إلى مسيرة خالد الفنية، تتمثل في انخراط نجله ريّان في المشروع، ملحناً وكاتباً أحياناً، وموزعاً موسيقياً غالباً (ما انسحب أيضاً على مكونات الفرقة كما على الجو العام).
يراقب خالد الهبر ما يحدث سياسياً واجتماعياً في الوطن العربي، انطلاقاً من لبنان وفلسطين خصوصاً، وصولاً إلى الخليج وإلى تأثيرات الغرب علينا بطبيعة الحال. وعلى الرغم من أنّ أمورنا لا يصيبها إلا التفاقم، يكاد يكون الوحيد في ارتكاز تجربته على هذه الهموم. قلّما نجد في التجارب الفنية الشبابية (الغنائية تحديداً) من يعي واقعنا. الجيل السابق تخلى عن هذا الهمّ، فكيف بالجديد؟ هذه الآلية في العمل، تنتج دائماً عملاً غنائياً أو أكثر عند الهبر، بحيث يختار الموضوع الأكثر إلحاحاً ونفوراً في كل جولة من الأحداث، ليصنع منه وثيقة تذكرنا به. فنحن ننسى حتى الأحداث الموجعة، وبسرعة قياسية.
هكذا، لمّا اقتحمت الصدور العارية أرنون الجنوبية، سمعنا «أرنون»، ولمّا انتصرنا في تموز قال الهبر كلّنا مقاومة في «عائد إلى حيفا»، ولمّا لفظت مصر عفنها الفرعوني، وجّه تحيةً إلى الشيخ إمام، ولمّا حرص العرب على خيانتهم لفلسطين، ظل يكرّر «أصنام العرب»... وغداً نسمع من ألحانه «مش عم بكذب تتنامي» التي كتبت مطلعها يارا أبو حيدر، وأضاف إليها خالد ما يود قوله للاجئين السوريين: «أنا بيتي مشرَّع لشعبي/ وشعبي بكلّ أطراف الأرض/ أهلا وسهلا بشعبي/ بدفّيه بأيّام
البرد».
يبدأ القسم الأول من الحفلة بمقطوعة موسيقية من تأليف ريان الهبر بعنوان VHS، وكذلك الجزء الثاني الذي يستهل بـ«أجبان وألبان».
أما ما يليهما في الجزءين، فيضم بتوزيع جديد كلاسيكات خالد المعروفة مثل «رئيس الجمهورية»، «أصنام العرب»، «هيدا زمانك»، «بشارة»، «غنّية عاطفية»... ومن أعماله الحديثة «ما تنسوا فلسطين» وهي تحية وتنبيه للربيع العربي.



خالد الهبر والفرقة: 20:30 مساء الغد ــ «قصر الأونيسكو» (بيروت) ــ للاستعلام: 181585/03