بسرعة قياسية، أنجز السيناريست والمخرج السوري زهير قنوع نصّ مسلسله «العشق المجنون» (مروى غروب) وبدأ تصويره مع ممثلين لبنانيين. إلا أنّه سرعان ما عاد إلى نصّ شكّل هاجساً له يحكي الجرح السوري المفتوح. الفنان المعروف كتب رسالة لـ«الأخبار» يشرح فيها تفاصيل نصّه الذي يحمل عنوان «المعتقل»: «إنّه دراما تلفزيونية إنسانية عربية عن سوريا في العامين الماضيين، وشيئاً مما حصل في دول «الربيع العربي». في مسلسل «المعتقل»، سأتحدث عن شريحة واسعة من السوريين (والعرب) زمن الأزمة والثورة والحرب. زمن المؤامرة الكبرى.
زمن الزيف. زمن عهر الإنسانية ونفحات من سوريا الزمن الجميل. وصلت إلى مراحل متقدمة من كتابة المسلسل بقصص واقعية إنسانية روائية الطابع عن سوريا في العامين المنصرمين. منذ أكثر من عام ونصف العام، كتبت نصاً درامياً واقعياً حمل يومها عنوان «وداع» لم يلق ترحيباً من أكثر من جهة إنتاج لأسباب واضحة هي عدم جرأة (معظم) الجهات المنتجة على الغوص في تفاصيل الأزمة السورية بشكل عميق ومسؤول... خوفاً ربما، وربما خلاصاً؟ حينها، استشرت أحد أهم نجوم سوريا والعالم العربي. بعدما قرأ الحلقات، أبدى إعجاباً مع بعض الملاحظات والاقتراحات، إلا أنّه فاجأني بقوله «بكير نحكي عن الأزمة في سوريا»!. قلت عندها: «ليش بكير! أنا ماني ناطر شوف شو رح يصير بعدين أكتب» وتابعت: «لن أصطف وراء أي جهة. أريد فقط كفنان الحديث عن ألم السوريين بعيداً عن السياسة». إلا أن صديقي النجم الكبير الذي أحترمه جداً، أصرّ على رأيه، فقرّرت عدم استكمال المشروع. لكنّني سرعان ما عدتُ طائعاً لرغبتي في الحديث عنّا نحن السوريين. بعد أشهر، استأنفتُ العمل على «المعتقل» وكانت «التغريبة السورية» بلغت فصلاً مريراً. أحسستُ أنّ العمل لن يرى النور بسبب جرأته في فضح زوايا حساسة وجوهرية مما حصل في سوريا ودول «الربيع العربي»، والغوص في عمق تركيبة الإنسان السوري خلال السنوات الخمسين الأخيرة وما فيه من قصص تعرّي المجتمع السوري كما لا تغفل عظمته. ها أنا أخصّص كل لحظة لإنجاز النص الذي أعمل جاهداً على إخراجه إلى شاشات العرب والسوريين كوثيقة فن وصدق وتأريخ. إذا اصطدم المشروع بحاجز لتعطيله، فإنني سأحاول تحويله إلى رواية بعنوان «المعتقل» ستكون روايتي الأولى والأخيرة. وسأهديها إلى السوريين شرفاء وقتلة ومقتولين، ظلّاماً ومظلومين، تجار حرب ومساكين، خونة ومخلصين، سأهديها لأبي الذي رحل قبل الكارثة، رحل في زمن المخاض، سأهديها إلى أمي المهجّرة. لزوجتي المتعبة، وعائلتي العظيمة المرهقة وكل أصدقائي وزملائي المحزونين. وقبل الجميع، سأهديها إلى ابني آدم السوري لذي لم تهد له نعمة الحياة بعد، وربما لن! «المعتقل» تجري أحداثه بين دمشق وحلب وبيروت ومدن أخرى، ويضم شخصيات سورية أولاً ولبنانية ومصرية، وفيه محاور رومانسية وشبابية جديدة رغم مرارة الموضوع والقصة الاجتماعية التي تجري على خلفية الحدث السياسي البشع».
* سيناريست ومخرج سوري