«عن جد قوّية!». هذا ليس شعار تلك الإذاعة اللبنانية الشهيرة، بل هو عنوان سباق الركض الخاص بالنساء الذي أعلنته جمعية «ماراثون بيروت» أخيراً. صحيح أنّ الحدث سيكون الأوّل من نوعه في لبنان، إلّا أنّ ذلك لم يسكت الأصوات المستنكرة لشعارات الحملة الإعلانية. تنوّعت العبارات المستخدمة لتشجيع النساء على المشاركة في سباق الـ 10 كلم في 26 أيّار (مايو) الجاري (واجهة بيروت البحرية) بين اللغتين العربية والإنكليزية، فيما غزت اللوحات الإعلانية الطرقات، وحضر الإعلان التلفزيوني بقوة على الشاشات مع سيطرة اللون الزهري.
«بركض كرمالك» عبارة رفعتها أمّ تحمل طفلها، فيما حملت صبية شعار «ركضي من كل قلبك»، وأخرى عبارة «يؤمن بأنّي أستطيع الركض»، وهي تقف إلى جانب شريكها.
الصور الإعلانية لم تخلُ من الظرافة. استخدم المنظمون إحدى أشهر أغنيات زياد الرحباني في محاولة للتقرب من الجمهور، فحمل شاب لافتة كتب عليها: «راكضة وحدا بلاك».
قبل شهر تقريباً، قالت رئيسة الجمعية مي الخليل خلال إطلاق المشروع إنّ «عظمة الرجل من عظمة المرأة»، مشددةً على أنّ الجمعية «تلتزم قضية المرأة من خلال الرياضة... والسباق الجديد عنوانه التحدّي». وأوضحت الخليل أنّ يوم السباق سيكون يوماً «للتضامن مع المرأة وقضاياها». شريحة كبيرة من الجمهور (الافتراضي أيضاً) رأت أنّ جزءاً من خطاب الحملة لا يعكس كلام الرأس المدبّر؛ فهو «يتمحور حول الرجل، ويبالغ في تحدّيه»، ويقارب وضع المرأة بشيء من «الاستخفاف».
هنا، كان لا بد من التوقّف عند تحليل مختص لفهم طروحات الحملة الإعلانية. «لا يوجد في الحملة ما يسيء إلى المرأة أو يدل على استغلال لها»، يقول الخبير في سيميائية الصورة شادي قضوم لـ«الأخبار»، موضحاً أنّها «تدعمها وتساندها»، وخصوصاً مع اعتمادها مبدأً واضحاً، هو «تمكين النساء وتشجيعهن»، وإبراز أدوارهن المختلفة في المجتمع. وعن تمحور بعض جوانب الحملة حول الرجل، أكد قضوم أنّه ضروري ألّا «نختبئ خلف إصبعنا»؛ لأنّ جزءاً كبيراً من الجنس اللطيف في لبنان ما زال محكوماً بسلطة معيّنة للرجل، و«هذا موجود ويمكن تبيّنه من خلال دراسة بسيطة للجمهور»، مضيفاً: «أراد المنظمون التعبير عن أغلبية شعبية معيّنة، وهذا طبيعي!». وتحفّظ قضوم على تصوير قوّة المرأة كأنّها تحدٍّ للرجل، قائلاً: «بالعكس، هما يكمّلان بعضهما»، مثمناً في الوقت نفسه تركيز الحملة على نهج محدد في ظل «تشكّل مناعة لدى الجمهور إزاء الإعلانات، وانخفاض تأثيرها إلى حد بعيد»، مشيراً إلى أنّه كان يفضّل «استخدام شعارات أقل جدية وصلابة، فالمرح والبساطة يشجعان الناس أكثر على المشاركة».