مجدداً، شربل خليل في دائرة الضوء والتهديد والوعيد. كاتب ومخرج البرنامج الساخر «بس مات وطن» (كل جمعة على lbci) الذي ذاق طعم التهديد عام 2006 على خلفية تقليد شخصية السيد حسن نصر الله، ثم إشهار السيف السلفي بوجهه جراء عرضه كليباً للشيخ أحمد الأسير، ها هو يواجه حملة جديدة. بعد حلقة يوم الجمعة الماضي، افتعلت جهات وأفراد حملة افتراضية شعواء على خليل عبر تهديده بالقتل وبتعليق مشنقته في قريته حراجل (جبل لبنان)، عدا الإهانات التي وجّهت لوالدته الثمانينية وصولاً الى «نبش قبر» أبيه المتوفى. كل ذلك أتى على خلفية تقليده لشخصية البطريرك الماروني السابق مار نصر الله بطرس صفير الذي لم يسمّه خليل مباشرة في حلقته، بل ربما هو شبيه له في الملبس وحركات الجسد وطريقة الكلام! أغلب الجهات المهددة تنضوي تحت لواء «القوات اللبنانية» كما تبين من الصور والإشهار بالانتماء على صفحاتهم الفايسبوكية. حملة أتت لتكملها محطة mtv في الهجوم على خليل في مشهد بدا خلاله البطريرك الماروني كجزء من «امتياز» خاص بهذه الجهات. خليل وضع كل هذه التهديدات بالأسماء لدى الجهات الأمنية المعنية، نافياً في حديثه مع «الأخبار» أن تكون قيادة «القوات» وراء هذه الحملة استناداً الى اتصالات أجراها بمعراب لم تتبنّ هذه الحملة. وفنّد الانتقادات التي لحقته جراء اعتذاره عن حلقة تقليد السيد نصر الله، ووقف عرض كليب الأسير وعدم الاعتذار عن حلقته السابقة في ازدواجية واضحة يمارسها كما اتُّهم. وهنا لفت الى أنّ ما دفعه الى الاعتذار في 2006 هو تحذير قيادة الجيش من وقوع فتنة طائفية. وبالنسبة الى حلقة الأسير، فقد أوضح أنه لم يعتذر بل أزال الكليب الذي يتعرّض فيه للمنقبات وبقي الشيخ السلفي موضع انتقاد في البرنامج لأكثر من ثلاث مرات. وفي ما خصّ موضوع البطريرك صفير، قال خليل إنّ تقليد هذه الشخصية «شُبِّهت لهم» متسائلاً: «لماذا لم يعترض أحد على تقليد الشيخ نعيم قاسم أو حتى المطران الياس عودة في حلقاتي السابقة؟».
في الحلقة عينها، تناولت الانتقادات ما وُصف بالعنصرية التي يمارسها خليل تجاه الأجانب، وخصوصاً النازحين السوريين والسياح الخليجيين، لكنّها طبعاً لم تثر حفيظة «سلفيّي» المسيحيين. وكل هذه الاسكتشات ما هي برأيه إلا مرآة كاريكاتورية تعكس الواقع اللبناني. أما بخصوص السياح الخليجيين، فهو بالطبع ليس الكاتب الوحيد الذي يتناولهم. طيلة الأعمال الساخرة السابقة، كانوا محط انتقاد وخصوصاً مع ارتباطهم بالسياحة الجنسية. كما أنهم دخلوا اليوم في النسيج اللبناني و«يشترون الأراضي، وخصوصاً في المناطق المسيحية. وليس اعتراض أهل كسروان أخيراً على موضوع «تلة الصليب» إلا مثالاً يمكن أن يعمم على باقي الاستثمارات». إذاً، فالكاتب ينقل واقعاً بصورة ساخرة. طيلة مسيرته، كان مناهضاً للوجود العسكري في لبنان، لكنه بالطبع لا يقوم بأي عمل عنصري تجاه اللاجئ السوري الذي يكنّ له الاحترام كما يقول، ولديه أصدقاء سوريون كثر يتقاسم معهم اللقمة.
ربما يحتاج الناقد لأعمال خليل إلى التبصر قليلاً في مفهوم الكوميديا والبحث في تاريخه ليعرف أنّ هذا الفن هو انعكاس للواقع المعيش بتفاصيله وإبراز «عوراته» (تماماً كفنّ الكاريكاتور) من دون تبنّ منه. بدلاً من حمل سلاح مصطلح «الرهاب» والعنصرية تجاه الأجنبي، فلننظر قليلاً الى واقعنا ونسخر منه بدل محاكمة عمل فني يدخل البسمة «السوداء» الأليمة، ونعفِ بالتالي هذا الكاتب من «محاكمة» الشارع ونقضِ على استيقاظ التعصب بكل أشكاله في نفوس هؤلاء.