«لو كنت مثل شجرة البامبو، لا انتماء لها، نقتطع جزءاً من ساقها نغرسه، بلا جذور، في أي أرض، لا يلبث الساق طويلاً حتى تنبت له جذور جديدة تنمو من جديد في أرض جديدة بلا ماض بلا ذاكرة». رهان ومجازفة كبيران وردا على لسان بطل شبّه نفسه بنبات البامبو، هو الضائع بين هويتين وبلدين. إشكالية سجلتها «ساق البامبو» لسعود السنعوسي (1981). يؤرّخ الكاتب الكويتي لذاكرة وأحداث هجست بالبعد العنصري والطبقي وصراع الهوية والواقع الاجتماعي للبلد الخليجي الصغير، معرجاً على قضايا شغلت الداخل المحلي، مثل قضية تجنيس «البدون». يكتب صاحب «سجين المرايا» عمله الروائي الثاني المرشّح لـ«بوكر 2013». إنّها قصة عيسى أو هوزيه ابن جوزفين الخادمة الفيليبينية وراشد الطاروف ابن الأسرة الكويتية المعروفة.

ما يميزها أنّها رواية تسجل تواريخها بين الفيليبين والكويت، وتؤرّخ لبعض الأحداث التاريخية والسياسية والدينية. هي وثيقة عن البلد الشرق آسيوي وأساطيره، ودياناته، وفقره المدقع، وبطل تحرير الفيليبين خوسيه ريزال، وقد حرص السنعوسي على الاستشهاد بمقولاته. أيضاً، عاين المؤلف السلفية وقضية التيار المتشدد الذي بدأ يأخذ مراكز متقدمة في السياسة والمجتمع الكويتيين. سجّل مشاهد من عذابات مواطنين خدموا البلد وهم من فئة «البدون» (بلا جنسية) من خلال قضية غسان الصديق المقرب لوالده راشد الطاروف، والانتخابات النيابية في الكويت عام 2008، وما لحقها من تزوير رغم مشاركة المرأة ترشحاً واقتراعاً للمرة الأولى في تاريخ البلد الخليجي. رواية انتهت بصافرة إعلان الحكم بداية المباراة بين منتخب الكويت والفيليبين ضمن تصفيات كأس العالم المقبل في البرازيل. عيسى الطاروف هنا يتابع المباراة في الفيليبين التي عاد إليها ليؤسس حياة جديدة. يعود في النهاية إلى بلد أمّه ويتزوج بابنة خالته وينجبان راشد على اسم والده الذي استشهد في الحرب.

الدار العربية للعلوم ناشرون ـ بيروت