فجّر التلفزيون السوري قبل أيام مفاجأة من العيار الثقيل عندما عرض فيلم «الحريق ــ ثنائية الوقود والحصاد» الذي وثّق اعترافات جماعات مسلحة كانت تخوض المعارك ضد الجيش السوري قبل القبض عليها. ورغم هشاشة هذه الشهادات في بعض الأماكن وتقديمها على طريقة برنامج «الشرطة في خدمة الشعب»، إلا أنّ الفيلم احتوى على شهادات مرعبة خصوصاً لجهة نية الجماعات المتطرفة إقامة إمارة إسلامية في الشام، ولو قامت على أنقاض المدينة وجثث الأبرياء، وتوعّد الطوائف الأخرى بالذبح أو الدخول في الإسلام بحسب فتاوى شيوخ هذه الجماعات. وقد ظهر اثنان منها في الفيلم، علماً أنّ جميع من ظهروا كانوا من السوريين وبينهم امرأتان. لكن كالعادة، انصبّت الجهود على أن تُلقي الاعترافات باللوم على الظرف المالي السيئ الذي دفع هؤلاء إلى رهن أنفسهم لجماعات متأسلمة، أو شخصيات خليجية. لكن يبقى أهم ما جاء في الجزء الثاني من الشريط هو ظهور باسم جهاد سعد الدين الملقب بـ«أبو جهاد» قائد كتيبة «أحفاد الصحابة» التي أعلنت سابقاً على الفايسبوك تصفية الفنان السوري محمد رافع (1982ـــ 2012، الأخبار 5/11/2012). روى «أبو جهاد» تفاصيل تنفيذ الجريمة، فقال إنّه وعد أمير الجماعة الاسلامية في حي برزة بتنفيذ عملية اغتيال صديقه محمد رافع بدعوى أنّه «شبيح يعمل لصالح أجهزة الأمن». وبالفعل، طلب «أبو جهاد» ــ بحسب اعترافاته ــ من زميله في الكتيبة سمير محمد ناصر عوض (أبو نورس) وهو جار الممثل السوري أن يستدرجه إلى أول أحياء منطقة برزة المقطوعة حيث يوجد «الجيش الحر». وبالفعل، أنجز أبو نورس المهمة وفق ما أفاد أمام كاميرا الفضائية السورية، فشرح كيف طلب من نجم «باب الحارة» أن يوصله بسيارته. وبعد تردد الأخير، وافق رافع على إيصال جاره إلى المنطقة المتفق عليها، لينقض عليه قائد كتيبة «أحفاد الصديق» برفقة زميله عبد الرحمن شداد بهدف خطفه والتحقيق معه. لكن عندما حاول رافع المقاومة، أطلق عليه «أبو جهاد» رصاصتين، واحدة في رجله والثانية اخترقت خاصرته لتصيب قدم عبد الرحمن شداد، فما كان من الأخير سوى إطلاق الرصاص على رأس الممثل. بعدها، قاد القتلة السيارة محملة بالجثة إلى ساحة الأوقاف في حي برزة، حيث كان زملاؤهم بانتظارهم ليتولى الكلّ رمي الجثة في منطقة «البعلة» وتحديداً في مكب «مزبلة يزيد». انتهت الرواية على مشاهد جنازة الممثل ونعشه ملفوفاً بالعلم السوري، وبكاء أهله خصوصاً والده الممثل المعروف أحمد رافع. من جهة أخرى، أفاد مصدر لـ«الأخبار» رفض التصريح عن اسمه بأنّه كان موجوداً أثناء التفاوض بين عائلة الراحل والجماعة التي أرشدت عائلته إلى مكان الجثة بعد التمثيل بها. وأضاف المصدر أنّ هذه الجماعة اتخذت قراراً بتصفية رافع بعدما دهم الأمن السوري منزله ووجده برفقة أصدقاء له يعملون مع تنسيقيات الثورة من دون علمه. ورغم الانجاز الهام للتلفزيون السوري، إلا أن الفيلم مرّ من دون ترويج مناسب أو محاولة عرضه على محطات أكثر مشاهدة.