دمشق | مع ساعات الصباح الأولى أمس، تصدرت صور تفجيرات ماراتون بوسطن ومكتبة جون كينيدي الأثرية في الولايات المتحدة الأميركية مجمل النشرات الإخبارية على وسائل الإعلام العربية والعالمية على حد سواء. مشاهد مباشرة من موقع الحدث، تسابقت على عرضها المحطات الإخبارية الفضائية، مع جملة من التحليلات والشهادات الحية التي قدمت سلسلة من وجهات النظر والقراءات المختلفة حول حقيقة التفجيرات ومن يقف وراءها.
قتيلان ونحو 100 جريح، هي الحصيلة الأولية للضربة الإرهابية القوية التي تلقتها أقوى دولة في العالم، كما تروّج لنفسها. مع أنّ عدد الضحايا الأميركيين قليل جداً مقارنةً بعدد الضحايا السوريين الذين يسقطون يومياً نتيجة الحرب المستعرة الدائرة على أرضهم، إلا أنّه كان كافياً لتراجع اهتمام كل الإعلام حول العالم عن متابعة تطورات الحرب السورية. هذا ما ينطبق أيضاً على الصفحات الشخصية للغالبية العظمى من مستخدمي فايسبوك من السوريين.
تفاعل هؤلاء مع الحدث الأميركي، كل حسب قناعاته ومواقفه المسبقة مما يجري في بلده. تنوعت التعليقات على الموقع الأزرق، وتضمن بعضها سخرية مستمدة من الواقع المرير، كما هي الحال مع أحد معارضي النظام الذي كتب على صفحته الشخصية: «أستغرب عدم وجود قناة «الدنيا» في بوسطن أثناء وقوع الانفجار وبمرافقة الشبيح المتعدد المواهب»، في سخرية واضحة من «الشاهد» صهيب شعيب (الأخبار 23/2/2013). الأخير أثار ضجة عالمية واسعة بسبب ظهوره المتكرر على مختلف القنوات السورية الرسمية، وتقديمه شهادات ومداخلات تتناول العديد من التفجيرات والأحداث التي شهدتها عموم المناطق السورية في الفترة الماضية.
وتناقلت صفحات فايسبوكية عدة صوراً ومقاطع فيديو مركّبة يظهر فيها شعيب بين حشود المصابين في تفجيرات بوسطن وهو يدلي بتصريحات صحافية. وكتب متصفح سوري آخر: «بيني وبين التفجير اللي صار ببوسطن أقل من خمسين متراً. الحمد الله نفدنا». هكذا سخر المعلّق من العبارة التي يتداولها بكثرة رواد الفايسبوك في كل مرة يحدث فيها تفجير إرهابي في دمشق. من جهة أخرى، تناقل آخرون تعليقاً للإعلامي السوري فيصل القاسم جاء فيه: «أميركا بدها سنوات كي تتعلم فنون التحقيق في الانفجارات. حتى الآن لم تعرف من الجاني، بينما لو أخذت دورة في ديموقراطياتنا، لكانت قد عرفت الجاني قبل يومين من الانفجار». هنا، تطرّق مقدّم برنامج «الاتجاه المعاكس» على قناة «الجزيرة» إلى السرعة التي تتهم بها الأجهزة الأمنية العربية مدبّري الأحداث الإرهابية على أراضيها. وفي تعليق آخر، كتب أحد الموالين للنظام السوري: «شاهد عيان من بوسطن: أنباء عن انشقاق 500 عنصر من الـ FBI (مكتب التحقيقات الفدرالي) وتشكيل كتيبة أحرار بوسطن... قتلوا العدّائين.
لأن العدْو يلهي عن ذكر القاعدة»، في مقابل تعليق آخر مفاده: «الأمن الأوبامي فبرك تفجيرات بوسطن، والجثث استعاروها من سوريا وهي لمتظاهرين قتلهم الشبيحة الإيرانيون في الجامع العمري. هاي إصلاحاتك يا أوباما؟».
تعليق يذكرنا بجملة تصريحات شهود العيان المعارضين إثر وقوع المجازر في سوريا. في الوقت نفسه، ابتعدت الكثير من التعليقات عن السخرية السوداء، وتعاملت مع الحدث الأميركي بعقلانية وموضوعية. مثلاً، كتب معلّق على صفحته الخاصة: «في السياسة الدولية مَن يعتقد أنّ استشهاد 100 ألف سوري أهم من مقتل عدد من الأميركيين ساذج وساذج جداً»، أما الأكاديمية السورية ريما الحكيم، فجاء تعليقها على النحو الآتي: «بعد أحداث 11 أيلول، روج لمفهوم الإرهاب والخطر الذي يتربص بالأمن القومي الأميركي، وغزت أميركا أفغانستان ثم العراق»، وسألت: «لمَ سيروّج اليوم؟ وأين تريد أميركا أن تدخل؟». «ع طريق البوسطن» هو عنوان تعليق كتبه أحدهم جاء فيه: «ألم تلاحظوا اعتراف الصحافة الغربية بوجود جهاديين في سوريا؟ طبعاً، سيقولون إنّهم تجمعوا في سوريا وأكملوا الباقي.
معقول 12 سنة بعد 11 أيلول ما حدا من الكارهين لسياسة أميركا من هؤلاء الانتحاريين لم يقم بأي عملية على الإطلاق إلا الآن؟». هذه الكلمات تحمل إعلاناً واضحاً من صاحبها بأنّ مجمل الأحداث الإرهابية التي يشهدها العالم أجمع اليوم، لا بد من أن يكون ذا علاقة مباشرة بالحرب السورية المستمرة. ولعلّ هذه القناعة تنسحب على جملة من التعليقات والسجالات الكثيرة التي شهدها الموقع الأزرق في الساعات القليلة الماضية حول التفجيرات الأميركية.






بوسطن عين الرمانة

لم تسلم الانفجارات التي ضربت الولايات المتحدة أول من أمس من السخرية اللبنانية المعهودة. بعد أيّام على الذكرى الـ 36 للحرب الأهلية اللبنانية، استوحى رواد مواقع التواصل الاجتماعي نكتة من حادثة «بوسطة عين الرمانة» التي تعدّ الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية اللبنانية. تعديل بسيط حوّل العبارة إلى «بوسطن عين الرمانة»، في إشارة إلى انتقال الفوضى من لبنان والمنطقة إلى بلاد العم سام. وسط كثرة التغريدات والتعليقات الفايسبوكية، برز استخدام شخصيات معروفة لهذه العبارة على صفحاتهم أبرزهم فريق عمل برنامج «شي. أن. أن».