قد تغيب بلدان الخليج عن خارطة الربيع العربي، لكنّ الثورة الالكترونية وصلت شعوبها بالتأكيد، لتحاكي الواقع العربي الخارج هذه الفترة عن هوى الحكومات والمشيخات العجوز. هذه الأخيرة بدأت أخيراً حملة لا تتضمّن إنزال جيوشها العسكرية لاعتقال مَن فضّل الكتابة الافتراضية على التظاهر في الشارع. لقد قام الديكتاتور البدوي بالتفكير في صنع قوانين تقمع حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لم تستطع السلطات العربية حتى اليوم شراءها للسيطرة عليها ورسم سياستها ولمنع التطاول على حكام لطالما وُسموا بالتقديس وعاشوا على وصلات المديح في إعلامهم الرسمي.
بعد السعودية وسلطنة عمان والبحرين وقطر التي أصدرت قوانين تقمع الاعلام الرسمي والشعبي من صحف ومدونات، ها هي الكويت تنضم إلى الركب! فقد وافقت الحكومة أول من أمس على مشروع قانون جديد للإعلام غايته الوحيدة مدّ يد السلطات إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وزير الإعلام الكويتي سلمان الصباح هدّد المدوّنين والناشطين الافتراضيين بإقامة دعوى عليهم في حال عدم حصول صفحاتهم الحرة على ترخيص من وزارته! سيلاحق هذا القانون الجديد حرية التعبير في الدولة الخليجية الصغيرة بقائمة عقوبات على «التجاوزات» في الصحف والتلفزيون، ووسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تويتر والمدونات. وبموجب هذا القانون، ستجري مراقبة حسابات تويتر وفايسبوك، ومحاسبة أصحابها على كل ما يُكتب هناك. وكل منَ يُتهم بالإساءة إلى الذات الإلهية والدين ستشمله عقوبة السجن لعشر سنوات، وغرامة قدرها مليون دولار. وتسري العقوبة نفسها على مَن «يتعرّض» لأمير البلاد صباح الأحمد الصباح، الذي واجه في نهاية العام الماضي ثورة عرفت بثورة «كرامة وطن» خرج على اثرها مئات الأشخاص إلى الشوارع. حركة شعبية ساندها إعلام المعارضة يومها. إنّها ضربة لهذا الاعلام المعارض اذاً. مشروع سيُصبح نافذاً حال اقراره في البرلمان، الذي يهيمن عليه طبعاً الموالون للحكومة. موافقة يخاف المدافعون عن حرية التعبير من إقحام البلاد في نفق مظلم، هي التي كانت تعرف بواحة الديموقراطية في صحراء الجزيرة العربية.
بيان منظمة «مراسلون بلا حدود» الذي خرج للتعبير عن رأي المنظمات التي تعنى بالصحافة وحرية التعبير في العالم عن قوانين لا عمل لها سوى القمع وكمّ الأفواه، جاء فيه: «نشعر بالسخط ازاء رغبة الحكومة في استخدام هذا القانون القاسي للسيطرة على المعلومات والحد من حرية التعبير». ورأت المنظمة أنّ مشروع القانون الجديد «قد يمثل تهديداً عظيماً لحرية الاعلام ولن يؤدي الى تعزيز الاعلام كما زعم وزير الاعلام».
هذا التهديد لحرية الصحافة حسب المنظمة الدولية، لم يرسم صورة طائر تويتر المسجون في زنازين مملكة الخوف المخيمة على دول الخليج، أو حرف F المشطوب. شعاران يتداولهما المدونون والناشطون على جدرانهم الافتراضية في بلدان الخليج العربي التي يصح أن نطلق عليها هذه الفترة «دول الجدران».