أدّى التنافس الإعلامي والسباق المحموم على التفرّد إلى فضيحة في فرنسا! إذ وقعت واحدة من أبرز الصحف الفرنسية أخيراً في مطبّ إعلامي تخطّى حدود المنطق والمهنية. صحيفة «ليبيراسيون» خرجت أوّل من أمس بغلاف يحمل ردّاً من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على قضية لم تنشر في الإعلام بعد!
كيف حصل ذلك؟ البداية كانت مع موقع «ميديابار» الذي فضح في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قضية تورّط وزير المال الفرنسي جيروم كاهوزاك في عمليات فساد مالية، ما أدى إلى تقديم استقالته في آذار (مارس) الماضي. «ميديابار» واصل كشف الفضائح، وكان آخرها قضية «أوف شور»، والمعلومات المسرّبة من حسابات مصرفية في «الجنات الضريبية» لشخصيات عالمية وفرنسية. الموقع الذي يوصف بالمشاكس، كان قد وعد بفضيحة أخرى من دون أن يكشف عن تفاصيلها. لكنّ «ليبيراسيون» «تنبّأت» بموضوع «ميديابار» وتبنّته كخبر ونشرت ردّاً عليه قبل نشره! مساء الأحد الماضي، انتشرت شائعات على فايسبوك وتويتر بين الصحافيين الفرنسيين مفادها أنّ ««ليبيراسيون» ستنقل عن «ميديابار» فضيحة حول امتلاك فابيوس حسابات مصرفية سريّة في مصارف سويسرية». لكن صحافيي «ميديابار»، على رأسهم مؤسسه إيدوي بلينيل، نفوا ادعاءات «ليبيراسيون». وهنا، علّق البعض ساخراً بالقول: ««ميديابار» ينفي خبر «ليبيراسيون» الذي لم يصدر بعد عن موضوع لم ينشر بعد!». أما بلينيل فغرّد قائلاً: «ليبيراسيون فقدت صوابها وهي ستحوّل شائعة حول فابيوس إلى خبر تدّعي فيه نفي أمر لم يصبح خبراً بعد!». وفي عدد الاثنين «المنتظر» (أوّل من أمس)، نشرت «ليبيراسيون» روايتها على الغلاف معتمدة على «لقاء جرى بين صحافي في «ميديابار» وفابيوس. وبما أنّ الصحافي هو من كان وراء فضيحة كاهوزاك، استنتجت «ليبيراسيون» أن الفضيحة الجديدة تخصّ فابيوس هذه المرة! بلينيل ردّ بالتفصيل على مدوّنته، مشدداً على أنّ «الصحيفة تدّعي أنّها على علم بما يدور في التحقيقات الصحافية التي نجريها، وتنشر لقاءات مزعومة بين صحافيينا وبعض الشخصيات، ضاربة عرض الحائط بالقواعد المهنية وحقّ سرية المصادر والتحقيقات بين زملاء المهنة». مدير تحرير «ليبيراسيون» نيكولا ديموران ردّ في افتتاحية طويلة أمس دافع فيها عن أداء الصحيفة، مبرراً «الجدل الجميل» الذي أحدثته شائعة حسابات فابيوس السويسرية التي أثارت الإعلام وأغضبت الهيئات السياسية، وموضحاً أنّها كانت «حقيقة سياسية استحقت غلافاً صحافياً». لكن بعض الأصوات من داخل «ليبيراسيون» لم «تهضم» فعلة الصحيفة ولا ردّ مدير تحريرها، وطالبت علناً باستقالته.