تونس | فتّش عن القطريين! تلك هي لسان حال قناة «التونسية» التي تشهد اضطرابات بالجملة في الفترة الأخيرة. بعد يوم واحد على صدور قرار السجن بحق برهان بسيس المستشار الإعلامي لرجل الأعمال والسياسي التونسي سليم الرياحي (1972) الذي نجح أخيراً في شراء ترددات «التونسية»، رفضت النيابة العامة الإفراج عن مدير القناة سامي الفهري (1971) رغم نقض محكمة التعقيب قرار الإدانة. قرار رأى فيه محامو الفهري إصراراً من النيابة العامة على عدم تطبيق قرارات محكمة التعقيب (السلطة القضائية العليا) لـ«اعتبارات سياسية».
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال عبد العزيز الصيد، محامي الفهري: «إنّها مشكلة قضائية، وإن هناك تناقضاً بين موقفي محكمة التعقيب والنيابة العامة». وأوضح الصيد: «التقيت وزير العدل نذير بن عمو طوال ساعة ونصف، لكننا لم نتوصل إلى حل»، معرباً عن أمله «التوصّل إلى حلّ الاثنين (اليوم)، الذي سيكون يوماً حاسماً». علماً بأنّ مدير «التونسية» يقبع في السجن منذ أشهر، رغم قرار محكمة التعقيب بإطلاق سراحه ونقض الإدانة مرتين. وعشية اعتقاله، اتهم الفهري حركة «النهضة» بتحريك القضاء ضده على خلفية بث «التونسية» برنامج «اللوجيك السياسي» (كل أحد 20:45 ـــ الأخبار 27/8/2012)، الذي يتضمن فقرة «القلابس»، وهي عبارة عن دمى متحركة ترقص وتغني مجسدةً شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل رئيس «النهضة» راشد الغنوشي، ورئيس الجمهورية منصف المرزوقي. وكانت المحكمة قد أصدرت قراراً آخر مشابهاً في حق الوزير السابق عبد الوهاب عبد الله (1940)، المستشار السياسي للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، الموقوف في القضية نفسها المتعلقة بالمبالغ التي سرقتها شركة «كاكتوس» من «مؤسسة التلفزة التونسية». علماً بأنّ الشركة مملوكة من الفهري بالشراكة مع صهر بن علي بلحسن الطرابلسي.
على خط موازٍ، بدأ فصل آخر في قضية قناة «التونسية». رأى الرياحي أنّ قرار سجن مستشاره هو «خطوة تستهدفه شخصياً، بعدما نجح في شراء ترددات «التونسية» من مالكها الفرنسي جان ماري جيفاريل». ويرى متابعون للتطورات السياسية التونسية أنّ فشل المفاوضات مع أحد التجمّعات المالية القطرية التي كانت تريد شراء «التونسية» هو المبرر الوحيد لسجن بسيس مجدداً بعد إطلاق سراحه في قضية فساد مالي قبل ستة أشهر. يومها، كان القطريون يعوّلون على شراء القناة المزعجة للسلطة الجديدة التي تحقق أعلى نسبة مشاهدة، وتتميز بالكثير من المهنية. هنا، أكّد صاحب قناة «الحوار» الطاهر بن حسين أنّ قناة «التونسية» مستهدفة، وأنّ المالك الفرنسي استجاب للضغوط وقرر بيع تردداتها بعدما حُرمت الشركة التي تديرها تحويلَ المبالغ المالية الشهرية (تكاليف إيجار) إليها؛ لأنّ عملية تحويل العملة تخضع لترخيص مسبق من المصرف المركزي التونسي. وبما أنّ الفضل في شراء سليم الرياحي للقناة يعود إلى مستشاره بسيس الذي قاد المفاوضات، يعتقد إعلاميون وحقوقيون كثر أنّ القرار الصادر بحقه ليس سوى «عقاب».