الدار البيضاء | ليبيا ما بعد الثورة هي ضيف شرف الدورة 19 من «المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء» الذي يُختتم غداً الأحد. رغم مجيئها بكتابها ودور نشرها، إلا أن حضورها ظل ضعيفاً في غمرة الفعاليات والندوات التي تخللت المعرض. فبلغت الندوات التي نظمتها وزارة الثقافة وحدها 12 ندوة يومية، عدا عن وجود ما يضاعفها من ندوات أطلقتها المجالس المختلفة كهيئة «مجلس الجالية المغربية بالخارج»، الذي يحرص كل سنة على تقديم أصوات مغربية وأجنبية تقيم في الغرب.
المعاهد الثقافية الأجنبية خصوصاً الفرنسية حضرت بقوة إلى المعرض وترجمت العديد من الندوات عن كتابات الهجرة والمنفى، وقدمت الأدب الإفريقي، وأصواتاً شعرية وروائية مختلفة تكتب بلسان «موليير». شهد المعرض حضور العديد من الأسماء البارزة في الأدب والثقافة. عبد اللطيف اللعبي قدم كتابه الأخير « مغرب آخر» الذي يرصد واقع المغرب قبل وبعد الربيع العربي، وحاوره الناشط والمثقف الأمازيغي أحمد عصيد. كذلك حضر واسيني الأعرج، ولقيت ندوته حفاوة إعلامية كبيرة حيث جاء للحديث عن مساره الإبداعي وعن تصوراته للكتابة. إحتفى المعرض أيضاً بتجارب رائدة في الأدب كـ «مجلة الآداب» التي خصصت لها ندوة شارك فيها محمد برادة، ورصدت ستين سنة من تاريخها قبل قرار إغلاقها خلال الأشهر الأخيرة لتتحوّل إلى موقع إلكتروني.
أسئلة النشر والكتاب والثقافة بعد الربيع العربي برزت بشكل كبير في البرمجة. ندوات عدّة كـ «بعد الربيع العربي: أي علاقات ثقافية بين دول المتوسط»، شارك فيها الرسميون إلى جانب المثقفين، منهم وزير الثقافة المغربي أمين الصبيحي، وجاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسي السابق ومدير «معهد العالم العربي». واقع الحال أنّ المعرض سنوي مهم. خصوصاً بإستقدامه للمغاربة من مختلف المدن لإنتقاء كتبهم، في ظل غياب المكتبات. لكن المعرض عرف الكثير من الثغرات أبرزها الإرتجالية التي خيّمت على تقديم معظم الندوات. كما أنّ بعض منشورات وزارة الثقافة لم تحضر وسط غياب دور عربية مهمة نذكر منها «المدى» و«الشروق» التي انتدبت دوراً أخرى لتوزيع كتبها في المعرض. أروقة كثيرة كانت جامدة، خصوصاً الرسمية منها، وفضاءاتها التي خصصت فقط لعرض الإصدارات دون بيعها، بينما حضرت بقوة الدور «الإسلامية» والسلفيون في المعرض، وسيطرت على بعض الأروقة هيآت موازية لـ «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، كما طغى حضور الدور التي تقدم الفكر السلفي والإسلامي. حقق المعرض توازناً في ما يتعلق بعدد الناشرين، ومرور الندوات بسلاسة، لكنه لم يستطع أن يؤسس للحظة فارقة في الحياة الثقافية المغربية كانت كفيلة بأن يتحوّل ربيع البرنامج إلى خريف في الأروقة.