في جعبة أليف شفق 12 كتاباً، أكثر من نصفها روايات، وحفنة من الجوائز الأدبية التركية المرموقة. عاشت هذه الروائية بين قارات مختلفة في غياب الأب الذي تطلّق من والدتها عندما كانت في عامها الأول. خبرت حياة التجوال باكراً بصحبة والدتها التي تعمل في السلك الدبلوماسي. لم تستقر طويلاً في مكانٍ ثابت. من ستراسبورغ في فرنسا مكان ولادتها، إلى مدريد، وعمّان، وكولونيا، واسطنبول وأريزونا. تقول أليف شفق عن طفولتها إنّ «عدم ترعرعها في كنف عائلة بطريركية نموذجية عامل مهم طبع عميقاً كتاباتها وحياتها لاحقاً».درست العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعات أنقرة، والدراسات النسوية في الولايات المتحدة الأميركية، ما منحها نظرة منفتحة نحو ثقافة الآخر، ومرجعية كوزموبوليتية عابرة للهويات في بناء نصها الروائي. هذا ما نجده في معظم رواياتها التي تنطوي على نظرة فكرية وروحيّة في توصيف جوهر العلاقات الإنسانية، من دون تعصّب. هكذا احتل اسمها واجهة الحياة الأدبية في تركيا لتنافس مواطنها أورهان باموق في قائمة «أكثر الكتب مبيعاً».

روايتها «قواعد الحب الأربعون» تجاوزت نصف مليون نسخة في طبعتها الانكليزية، و300 ألف نسخة في التركية، إضافة إلى طبعات عالمية أخرى، علماً بأنّ أعمالها تُرجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة حول العالم.
في اشتغالها على الشخصيات التاريخية، كما في روايتها الأخيرة، هناك تقاطعات سردية صريحة مع أمين معلوف لجهة فتح الحدود الجغرافية أمام إثنيات وأقوام وحضارات، تلتقي فوق أرضٍ واحدة، هي في المآل الأخير، لكلّ مكونات هذه الجغرافيا الشاسعة والمضطربة والمتصارعة.
روايتها « لقيطة اسطنبول» التي تُرجمت إلى العربية أخيراً (دار الجمل)، قادتها إلى المحكمة في عام 2006، بذريعة تطاولها على المحرّمات التركية، و«إهانة الهويّة الوطنية»، ذلك أن بطلة الرواية تجرأت على انتقاد مجازر الأرمن التي ارتكبتها الدولة التركية بحق الأرمن في عشرينيات القرن المنصرم. لكن المحكمة برّأتها من التهمة، بعد معركة مدوّية شغلت الإعلام لفترة طويلة. تتنوع اهتمامات صاحبة «النظرة العميقة»، و«قصر البرغوث»، و«الحليب الأسود»، بتعدد تجاربها الحياتية والثقافية، فهي لا تتوانى عن طرح موضوعات سجالية ساخنة تتعلّق بحرية التعبير، وقضايا المرأة، والجنس، ومشكلات المهاجرين، وعلاقة الشرق بالغرب. تقول: «الغرب والشرق ليسا كالماء والزيت... فمن الممكن أن يندمجا وينصهرا معاً من دون أن يلغي أحدهما الآخر».