القاهرة | أول من أمس، تحوّل إلقاء رغدة لقصيدة خلال «ملتقى القاهرة للشعر» في دار الأوبرا إلى فيلم أكشن. اعتلت الممثلة السورية الخشبة وألقت قصيدة «سوق النخاسة» عن اللاجئات السوريات في مصر اللواتي يتزوّجن أشخاصاً ينتمون إلى جماعات إسلامية مقابل مبالغ زهيدة. وقبل انتهائها، فوجئت ابنة حلب بملتحٍ يقاطعها بانفعال، قائلاً: «أنا مسلم بس مش عنصري»، قبل أن تسود الفوضى القاعة، ويلاحقها ستة شبّان.
اعتبرت الممثلة المقيمة في القاهرة أنّ المعتدين عليها هم «سلفيون وإخوان وأعضاء من الجيش السوري الحر»، وأكدت ذلك في محضر حرّرته في قسم الشرطة وأرفقته بتقرير طبي أثبت إصابتها بكدمات نتيجة ضربها بمطفأة حريق على وجهها. لم يمض وقت على اختطاف «الجيش الحر» والد الفنانة (الأخبار 11/3/2013) حتى عوقبت على موقفها السياسي باعتداء جسدي. قالت لـ«الأخبار» إنّ هذا الاعتداء هو الرابع في غضون أيّام، مذكّرةً بتلقّيها العديد من التهديدات سابقاً، ومشددةً على أنّ موقفها لن يتغير، فهي ستظلّ «تدعم الأنظمة العربية في مواجهة الصهيونية». وأضافت إنّ «دعمي للرئيس السوري يأتي بسبب موقفه»، مضيفةً: «أتمنى أن أنال الشهادة على الجبهة المصرية أو السورية وليس بمطفأة حريق». واتهمت «الجيش الحر» بتدبير الاعتداء عليها، مشيرة إلى أنّ الشباب الملتحين توعّدوها بـ«تعليق المشانق في قطر». وكشفت أنّه تم تصوير المعتدين بكاميرات المراقبة الموضوعة في دار الأوبرا، فضلاً عن كاميرات المصورين الذين صودف وجودهم في المكان، ما مكّنها من تحديد هويتهم، موضحةً أنّ الأجهزة الأمنية «ستقبض عليهم في أسرع وقت».
المثقفون المصريون الذين أدانوا «فضيحة» اعتداء عناصر من جماعة الإخوان المسلمين على الناشطة ميرفت موسى أمام مكتب الإرشاد في المقطم السبت الماضي، تعاطى بعضهم مع الاعتداء على رغدة كـ«نكتة» وبأصولية مختلفة. تساءل بعضهم على فايسبوك: «إيه اللي وداها هناك؟»، معتمداً أسلوب الإسلاميين وتبريراتهم الواهية لتعرية «ست البنات» في ميدان التحرير على يد الشرطة في كانون الأول (ديسمبر) 2011. بينما تذرّع بعضهم بأنّ اسمها لم يكن مدرجاً ضمن قائمة المشاركين... كأنّ هذا السبب يشكّل مبرراً مقنعاً للعنف الذي مورس على الفنانة. لكنّ الشاعر المصري زين العابدين فؤاد نشر على صفحته الفايسبوكية ملفّاً يضمّ صوراً من الأمسية الشعرية «تثبت عدم وجود أي سلفي أو إخوان في القاعة، على الأقل من الناحية الشكلية»، وبالتالي «كذب الادعاء بالهجوم السلفي على السيدة رغدة». وأكد «شاعر الفلّاحين» أنّه يحق لرغدة «أن تؤيد بشار الأسد ونظامه»، لكن «لا ألومها على إضاعتها وقت الجمهور والشعراء بكلام ركيك، بل ألوم من سمح لها بالإمساك بالميكروفون وتحويل القاعة إلى مسرح للدعاية لنظام الأسد». كلام عمد كثيرون إلى مشاركته على صفحاتهم، أبرزهم الشاعرة السورية المقيمة في القاهرة رشا عمران. طبعا لم يشفع لأفضل مَن جسّدت «زنوبيا» في الدراما العربية، تاريخها الفني الحافل بالنجاحات في مواجهة حملة النكران التي تواجهها. حملة لم تأت من خصوم متوقّعين فحسب، بل قوبلت أيضاً بتجاهل من وسائل الإعلام السورية. هذه الأخيرة ليست سوى مرآة لعمل النظام. هو يبرع في خسارة الأصدقاء ويحترف كسب الأعداء. الخبر الذي كان يفترض أن يتحول إلى قضية رأي عام في الشام، مرّ مرور الكرام على الشريط الإخباري للفضائية السورية في غياب تقرير مصوّر واحد دفاعاً عن رغدة. اتصالات متكررة لـ«الأخبار» مع المسؤولين في الإعلام السوري تكشف عن حجم العشوائية والفوضى التي يعمل بها. أما الذريعة لمرور الخبر بهذه الطريقة فهي أنهّ «ليس لدينا مراسل في مصر». سبق أن وقفت رغدة أمام مئات الآلاف في حلب وصرخت معبّرةً عن موقفها مما يجري في بلدها ثم تحدت خاطفي والدها، لتؤكّد أنّها «مع أي حكومة وجيش عربي ضد الأصوليين» ثم تعرضت للضرب في دار الأوبرا، فلم يجد الإعلام السوري أي حرج في الوقوف موقف المتفرّج في الصفوف الخلفية!