القاهرة | في القاهرة هذه الأيام، وفي وسط البلد تحديداً، يكفي أن يرد اسم زياد الرحباني في إحدى الجلسات كي يحتدم النقاش بين الجالسين. يتخبّط النقاش ولا يقف عند نقطة تلاق واحدة. الحديث عن الحفلة التي سيقدمها الفنان اللبناني في ختام فعاليات مهرجان الجاز، تجاوز مجرد كونها حفلة لفنان كبير من عائلة فنية راسخة، إلى «مفرزة» لمواقف سياسية تخص المثير للجدل دائماً، والحنق أحياناً زياد الرحباني.
الفنان المعروف يثير حفيظة الشباب المصري بسبب آرائه ومواقفه من الثورات العربية، لما يرون فيها من «خيانة لمشروعه الفني، ومخالفة لأفكاره السياسية»، ما دفع بعض الشباب إلى إنشاء دعوة على الفايسبوك لمنع الحفلة في مصر، ليس بغرض المنع بل لتسجيل موقف وإعلان رأي غاضب ورافض لما «تحول إليه» صاحب «حب يساري». ليست هذه الحفلة الأولى لزياد في القاهرة، بل سبقتها حفلة عام 2010 ضمن المهرجان نفسه أقيمت في «ساقية الصاوي»، ولم يكن زياد على قدر توقع جماهيره التي قُدرت بالآلاف في قاعة «الساقية» الصغيرة. تعامله الذي وُصف بـ «المتعجرف» الذي لم يعتده الجمهور المصري مثلما هي الحال في لبنان أثار سخط الحضور.
صاحب فكرة الدعوة إلى منع الحفلة الناشط السياسي أحمد البحار أكّد لـ «الأخبار» أنّ المنع ليس هدف الدعوة، بل مجرد «التهويش». يقول: «الفكرة كلها أنّنا لا نوافق على آرائه في الثورة السورية والمصرية. والجيش لم يحمِ الثورة في مصر. ولا ينفع اتخاذ موقف الحياد في ثورة سوريا». يقول البحار «أغلبنا تربّى على شعاراته الثورية. وفي الآخر وقف ضد الشعوب. وبعيداً عن الحفلة، فالكل غاضب لأنّه يناقض كلامه عن الإشتراكية وحفلته تبقى بـ 150 جنيه (22 دولاراً)، فين أنا مش كافر بس الجوع كافر؟ زياد أفلس فنياً منذ فترة، وتعامل بتعجرف مع الجمهور في حفلة «الساقية»».
على النقيض منه، يقف الشاعر أحمد علي قائلاً: «أنا ذاهب إلى الحفلة، ولن يُفسد أحد فرحتنا بزياد. رأيه في الثورة يخصّه وحده، فأنا ذاهب لأسمع موسيقاه التي أعشقها. كنت أحلم بأن أحضر له أمسية حية، وحفلة «الساقية» عام 2010 كانت في مكان سيّئ. نحن كحضور قرفنا ولم نعد نطيق البقاء، فما بالك بالفنان على المسرح؟ لنضع الأمور في نصابها ونوضح المسائل». بتسامح أكبر، يقف الصحافي أحمد الهواري على مسافة من الفريقين: «أعتقد أنّ هناك مبررات للرأيين. وأنا لن أحضر الحفلة لأنّ أمسياته في القاهرة ليست جيدة التنظيم. حفلة «الساقية» كانت سيئة بالنسبة إلى التنظيم، وكان كلّ همّ المنظّمين تجميع الفلوس من التذاكر. وكان الناس يغنون كل دقيقة «أنا مش كافر.. أنا مش كافر» حتى إنّ الرجل نفسه ضجر منهم. أما بالنسبة إلى موقفه من الثورة السورية، فأنا لا أوافق عليه، لكنّ ذلك يبرز إشكالية حرية الرأي. هو يملك الحق في التعبير عن رأيه على نحو شخصي. هو لم يحمل سلاحاً، وراح يحارب المعارضة السورية. والرد على الرأي يكون بالمحاججة لا بالمنع». رغم تباين الآراء، وحدّة الخلاف حول الفنان، يبقى السؤال عما سيقدمه في حفلته المرتقبة؟ وهل هذه الجعجعة السياسية ستغطي على ما سنسمعه من أعمال، ولو أنّ بعضهم يأخذ على زياد اجترار وتكرار أعماله الفنية التي أسّست لصورته بين محبّيه»؟.