رغم إقفال بعض الصفحات الفايسبوكية الطائفية بفعل ضغط الحملات المضادة التي نظمت لحض روّاد الموقع على التحرّك ضدّها (الأخبار 19/3/2013)، إلّا أنّ هذا النجاح النسبي لم يمنع صفحات أخرى من «التفريخ» مجدداً لتعبئة الجماهير المتعطشة للغة الدم والمذهبية، لكن هذه المرّة بنحو أقوى وأكثر إصراراً على بث السموم والتحريض. إزاء هذا الواقع الافتراضي المرير الخارج عن السيطرة، ولدت صفحة «ناشطون ضد الطائفية» التي كانت في الأصل فكرة تداولها ناشطون لبنانيون معروفون على الساحة الفايسبوكية، قبل أن يأتي رواج صفحتي «أشباح الضاحية»، و«شبكة أخبار الطريق الجديدة» ليحسم ولادتها (الأخبار 19/3/2013).
مؤسّسو الصفحة هم مجموعة ناشطين رفضوا الكشف عن هوياتهم «خوفاً من حملة مضادة تطاولهم وتقفل حساباتهم». المبادرة كانت فردية في البداية انطلقت من دعوة كل ناشط عبر حسابه الخاص إلى التبليغ عن الصفحات الطائفية، لكن مع الوقت تبيّن أنّ هذه الخطوة «غير كافية» وفق ما أوضح أحد مؤسسي الصفحة في حديث مع «الأخبار». وأضاف: «قرّرنا توحيد هذه المبادرات عبر إنشاء هذه الصفحة».
ومع استعداد الشارع، يبدو الخطر جلياً في إمكان ترجمة هذا التحريض المذهبي واقعاً على الأرض. مخاوف لا يخفيها هؤلاء الناشطون الذين «غرقوا في صراع بين إتاحة حرية الرأي والتعبير التي يؤمنون بها ويدافعون عنها، وبين المحتوى التحريضي الذي تصدّره هذه المنابر» على حد تعبيرهم. وأمام هذا الواقع، ما كان بإمكان الشبّان إلّا اللجوء إلى الخيار الذي تمنحه إدارة الموقع الأزرق؛ أي الإبلاغ عن هذه الصفحات المقيتة ليصار إلى استئصالها نهائياً عن الشبكة العنكبوتية.
«التخفيف من موجة الاحتقان الطائفي» (افتراضياً على الأقل) هو الهدف الأساسي من وراء كل هذه الحملات، فضلاً عن إمكانية التشبيك مع جمعيات من المجتمع المدني لتتوسع دائرة «الاستهداف» من مجرّد إبلاغ عن المحتوى الطائفي إلى ــ ربما ــ الإبلاغ عن أي خطاب آخر يتخذ من العنف شعاراً. التركيز الحالي كما يقول أحد الناشطون هو على الصفحات الطائفية. يرصد كل شخص مجموعة تحريضية ويبلّغ عنها على صفحة «ناشطون ضد الطائفية». إذن، سيتحول كل فايسبوكي إلى شرطي يرصد ويبلّغ، وهو ما تجسّد في تصميم اللوغو الخاص بالصفحة الشبيه بـ«بادج» الشرطة وأتت ألوانه مطابقة لألوان الفايسبوك يتوسطه العلم اللبناني، وقد صُمم على شكل عين يقصد منها «حماية العيون والأدمغة من المحتوى الطائفي».
لائحة الصفحات الطائفية طويلة، ويتوقع الناشطون إقفال ثلاث صفحات أسبوعياً، على رأسها «الصفحة الرسمية لمحبي الشيخ أحمد الأسير الحسيني»، و«أشباح الضاحية» اللتان ستنتهي «صلاحيتهما» خلال الأسبوع المقبل كما يؤكد أحد الناشطين. لكن كيف سيتمكن هؤلاء من منع «تفريخ» صفحات جديدة كل يوم ربما أكثر تحريضاً من «أشباح الضاحية» وأخواتها؟
(رابط الصفحة )