طوال 14 عاماً، حافظ «المهرجان الدولي للحكاية الشفهيّة والمونودراما» على دورته السنوية من دون توقّف. رهان على أهمية فن الحكواتي آمن به المسؤولون عن «مسرح مونو» مع الحكواتي اللبناني جهاد درويش، فخصصوا مهرجاناً سنوياً يجمع الهواة والمحترفين من لبنان والعالم، وأصبح له جمهور ينتظره سنوياً.
واليوم، تنطلق الدورة 14 من المهرجان، موجّهاً تحية إلى أفريقيا. هكذا تستضيف الخشبة كل ليلة حكواتيين محترفين لإحياء الأمسية بالقصص والحكايا، وإلى جانبهم هواة لبنانيون سوف يقدمون بدورهم عروضاً قصيرة خلال السهرة. أما في الليلة الختامية، وككل سنة، فيعود جميع الفنانين إلى الخشبة معاً لإحياء «مسابقة الكذب» عبر القصص المرتجلة في لحظتها، انطلاقاً من مساعدة الجمهور. كما ذكرنا، تُخصَّص دورة هذا العام للقارة الأفريقية، حيث وصل جميع الحكواتيين المحترفين. يستضيف المهرجان سايدو أباتاشا (14/3) من الكاميرون، ورشيد إقبال (13/3) من الجزائر، وأبدون فورتونيه (12/3) من الكونغو، وسليمان مبودج (12/3) وبوبكر ندياي (13/3) من السنغال.
يقول جهاد درويش لـ«الأخبار» إنّه قد تم اختيار القارة العجوز ضيفةً لدورة هذه السنة، لأنّها مهد الإنسانية، فـ«هي الأرض حيث الحكايا ما زالت حتى اليوم تلعب دوراً في انتقال القيم إلى الأجيال الجديدة ودوراً في التربية. في أفريقيا، توصف كلمات الحكايا «بكلمات الزيت»، إذ تطبع وتترك أثراً في متلقيها، بعكس الكلمات المائية التي تتبخر مع ظهور أول شعاع شمس».
وهذه السنة، تم اختيار حكواتيين أفريقيين سوف يتناولون المواضيع الأكثر جدية بروح خفة ودعابة. حكواتيون من الجيل الجديد يعيشون في أفريقيا العصرية، ويخلقون عبر حكاياهم صلة مع الأجيال السابقة. هكذا يخبرون حكايا وقصصاً تنسج بين الحداثة، والقديم، فتخلق عالماً كونياً. ويستشهد درويش بالفيلسوف الأفريقي أمادو هامباتي با: «مع موت كل عجوز في أفريقيا، كأن مكتبة بأكملها تحترق». وتُختتم الدورة بالإضاءة على الدور الأساسي الذي يقوم به الحكواتيون الشباب في أفريقيا في إنقاذ الثروة الشفوية عبر إعادة إحيائها وتسجيلها. على الصعيد المحلي، كان المهرجان منذ البداية يؤمّن مساحة خاصة لشباب لبنانيين هواة لتقديم حكاياهم على الخشبة. تجربة أدت إلى ازدياد المشاركة اللبنانية، بالإضافة إلى التعاون مع فنانين عالميين والإفادة من خبراتهم، وتقنياتهم الموظفة في فن الحكايا. وهنا يلعب المهرجان واستمراريته دوراً مهماً في إعادة إحياء ثقافة الحكواتي في لبنان، عبر فسح المجال أمام أجيال شابة لتنمية مواهبها، وتأمين خشبة عرض سنوية، وتحفيز الجمهور على احتضان عروض مماثلة.



«المهرجان الدولي للحكاية الشفهيّة والمونودراما»: بدءاً من اليوم حتى 17 آذار (مارس) ـــ «قبو كنيسة القديس يوسف» (مونو، بيروت) ــ للاستعلام: 01/202422