لم يأت «الزعيم» المولود الحديث لقناة «الجديد» مكتمل الأعضاء وواضح الملامح وواثق الخطوة. البرنامج (إشراف مازن لحام وإخراج سعيد خليل) الذي أُريد له أن يخرج من «رحم الناس» ويلفظ التوريث السياسي والتاريخي، جاء مخيّباً للآمال مقارنة مع الشعارات الرنانة التي طرحت معه ومع الشكل والمضمون اللذين تجليّا أول من أمس في إطلاقه. ثغر اعترت البرنامج، فبدا تطبيق الفكرة ارتجالياً في بعض محاوره، خاصة في الجزء الأخير منه. كذلك لم يستطع «الزعيم» الخروج من «عباءة» ما يفرزه تلفزيون الواقع من بحث عن الإثارة.
في مكان الحدث في «بيروت هول» (سن الفيل) وسط شعار «لنصنع تاريخاً جديداً»، وحده مدير المسرح يدير جوقة الجمهور ويطلب «إحداث انفجار من التصفيق». يطلّ مالك الشريف ليتصدّر الخبر الأول في النشرة المسائية ويدلو بدلوه عن البرنامج، لكن لا صوت يعلو فوق التصفيق، وكلامه حصراً يسمعه مشاهدو التلفزيون. مساحة متواضعة تغرقها الشاشات الضخمة، وتضخّمها طبعاً الكاميرات المختصّة على الشاشة. تقول مقدمة البرنامج داليا أحمد «هذه البداية واللي ناطرنا أحلى وما إلو تاني على الشاشات اللبنانية». تصطف الكراسي المخملية المخصّصة للنواب ويتوسطها كرسي مذهّب للرئيس ميشال سليمان الذي يلقي كلمته ثم يغادر وترحل معه الشخصيات الأمنية، ويبقى الجمهور ولجنة التحكيم (راغدة درغام، مريم البسام، ابراهيم الأمين) التي جاءت مزيجاً من الحرفية والمهنية والارتجال.
أما الطامة الكبرى، فكانت مع المشتركين الـ14 الذين تحوّلوا بسحر ساحر إلى 15 بعد انضمام ميريام كلينك، ومُنحوا دقيقة من الوقت لمحاولة إقناع الجماهير واللجنة بصوابية خطابهم ومشاريعهم السياسية. هنا، علا الصراخ حيناً وتقمّص بعضهم خطابات الزعماء حيناً آخر، مع إطلاق شعارات لطالما صدحت في البرلمان النيابي، وهذا ما خلّف امتعاضاً بين صفوف لجنة التحكيم التي كرّرت الملاحظات عينها حول عقم هذه الخطابات، والعجز عن تقديم مقاربة واقعية تقدم الحلول والاقتراحات العملانية للواقع السياسي المتأزم.
لا شك أنّ الخطوة الأولى لأي برنامج قد تتخللها الثغر والأخطاء. برز جلياً هذا الارتباك في مسار البرنامج عندما خرج ثلاثة مشتركين كانوا الأضعف كما وصفوا، ولم يعرف سبب ذلك الخروج. لكن لماذا لم يتم الانتظار ولو لأسبوع للتيقّن أكثر من مهاراتهم وطروحاتهم؟ الثغرة الأبرز كانت في إعلان تقسيم المشتركين الى فريقين سيتنافسان في صوغ البرامج الإنمائية، فكيف ستكون آلية انتخاب هذا الزعيم؟ وهل تكون منصفة؟



حصان طروادة

المفاجأة كانت مشاركة ميريام كلينك التي ظهرت بلباس رسمي. أثارت مشاركة عارضة الأزياء في البرنامج جدلاً بين المشاهدين واللجنة. وقد أريد لها أن تكون «حصان طروادة» الذي يرفع نسبة المشاهدين. جاء الرهان على هذا الحصان قبل المباشرة في البرنامج، فسقطت قناة «الجديد» في امتحان ترسيخ قيم سامية للحياة السياسية. دخلت المحطة في لعبة تلفزيون الواقع الذي يحتاج الى مزيد من الإثارة للتسمّر أمام الشاشة. ولم تخرج من منظومة إنتاج فنانين يعتمدون على «الخصر والأرداف... واللعب مع السياسة والضرب من فوق»، كما أوردت في مقدمة نشرتها المسائية!