تونس | سيف الإعلانات يُشهر في وجه الإعلام التونسي مجدداً! يبدو أنّ السلطات التونسيّة ماضية في معاقبة الوسائل الإعلامية المعارضة لها، وها قد حان دور قناة «الحوار التونسي». في إطار مواجهة خطر التوقف عن البث، أعلنت القناة المملوكة من الوجه اليساري البارز الطاهر بن حسين عن إقامة حملة جمع تبرعات في تونس وخارجها.
واتهمت إدارة القناة حركة «النهضة» بالتضييق على المعلنين وإجبارهم على عدم التعامل معها، وحرمانها من الإعلانات الرسمية التي توزّعها الوزارات على الوسائل الإعلامية كافة. واعتبر بن حسين الذي التحق أخيراً بالمكتب التنفيذي لحزب «نداء تونس» (أسسه رئيس الوزراء الباجي قائد السبسي عام 2012) أن قناته «تدفع ثمن استقلاليتها وحرفيتها وإصرارها على القيام بدورها كوسيلة منحازة إلى الشعب وقضاياه وإلى الحرية والديمقراطية والكرامة». دعوة «الحوار التونسي» إلى فتح باب التبرعات أثارت الكثير من الجدل في الأوساط السياسية، وردود فعل من وسائل إعلام قريبة من الحكومة استحدثت لتسويق إنجازاتها لأنّ «إعلام العار لم ينصفها، وهو متحامل على حركة النهضة».
ومن باب السخرية من «إعلام النهضة البديل»، قرّرت «الحوار التونسي» التي يعتبر تعثّرها خسارة كبيرة للحركة الديمقراطية، بيع ألف ربطة معْدنوس (بقدونس) (10 يورو للواحدة) على أن تخصَّص العائدات للقناة. وترى أسرة المحطة أنّ البقدونس هو سرّ ثروة وزير التعليم العالي (القيادي في «حركة النهضة») منصف بن سالم الذي كان بائع خضار. واتاحت هذه الثروة لنجله أسامة تأسيس قناة «الزيتونة» ذات الإمكانات الهائلة والقريبة من الإسلاميين. لكن ما هي أهمية «الحوار التونسي»؟ لطالما اعتبرت المؤسسة متنفساً لقوى المعارضة (علمانيين وإسلاميين) في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، قبل أن تصنّف اليوم في خانة «المغضوب عليهم». ورغم انعدام الإمكانات المالية والتقنية، تحوّلت القناة إلى صوت البسطاء، وتميّزت بتغطية الاحتجاجات الشعبية التي لم تتوقف منذ تبوّء «النهضة» الحكم. مثّلت تغطيات القناة لحوادث العنف التي يتعرض لها الشبّان في مختلف المناطق المهمشة، وقمع الأمن للمظاهرات شهادات إدانة مصوّرة لتجاوزات السلطة وانتهاكاتها. إصرار القناة على تغطية الاحتجاجات كلّف العاملين فيها غالياً، إذ تعرّضوا للاعتداء مراراً، وكانت مكاتبها عرضة للتخريب، فضلاً عن حملة تشويه على فايسبوك اتهمت مالكها بـ «الإلحاد، والشيوعية، والولاء لبن علي»! علماً أنّ الطاهر بن حسين كان مناصراً للحركة الديمقراطية طوال سنوات حكم بن علي، وممن دافعوا عن فكرة أنّه يمكن للإسلاميين أن يكونوا ديمقراطيين ضمن إطار ما عُرف بـ «حركة ١٨ تشرين أول»، لكنّه تحوّل اليوم إلى «العدو الأول للإسلاميين». ما تواجهه «الحوار التونسي» ليس جديداً، سبقتها إليه جريدة «حقائق» الأسبوعية التي توقفت عن الصدور وحمّل مؤسسها الطيب الزهار «النهضة» المسؤولية، قائلاً إنّها «حُرمت من الإعلانات العامة والخاصة»، متهماً الحركة والحكومة بالضغط على المعلنين لسحب طلباتهم. وهذا ما يذكرنا بأساليب نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في تكميم الأفواه المعارضة!