لدى مواكبة الأزمة التي تعصف بسوريا، اعتاد المشاهد السطحية المفرطة التي يجدها في بعض المنابر الرسمية في الإعلام السوري. لكن لقضيّة صهيب شعيب حكاية مختلفة تجاوزت أصداؤها الحدود المحلية والعربية، لتطرق باب العالمية! أمس، نشر موقع جريدة «نيويورك تايمز» عبر مدونة The Lede للكاتب روبرت ماكي، مقالاً واسعاً مرفقاً بمقاطع فيديو رصدتها مواقع مؤيدة لـ«الثورة» السورية لهذا الرجل الذي أطلقت عليه لقب «الشبيح المتعدد المواهب».
وجاء ذلك بعد نشر شريط فيديو على موقع يوتيوب، ممهوراً باسم «فريق عمل سوريا للجميع للرصد والترجمة» يعدّد الظهور المتكرر لشعيب على شاشات الإعلام الرسمي السوري بوصفه «شاهد عيان على بعض الأحداث الدامية» وباعتباره من سكان المنطقة المستهدفة، أو صودف وجوده في مكان التفجير. ثم يظهر بعد ذلك في مسيرات مؤيدة للنظام، ووقفات تضامنية ضد قرارات أو عقوبات دولية اتخذت ضده، ليركز الشريط بعد ذلك على ظهوره في اليوم ذاته ومن مكان واحد على قناتين رسميتين هما الإخبارية والفضائية السورية، ليدلي بشهادتين متشابهتين. ويصل الشريط إلى اللقاءات الخاصة التي شارك فيها الشاهد المتنقل. وقد بلغ الأمر حد مشاركته في ندوات أقامتها قناة «الدنيا» ضمن سياستها الرامية إلى إظهار استمرار الحياة بشكل طبيعي في دمشق. هذه المرة، ظهر شعيب في ندوة تناقش الواقع السكني في سوريا، وحكى عن المشروع الإصلاحي للرئيس بشار الأسد الذي لا بد له من معالجة مشاكل السكن! كما ظهر في المساجد أثناء أداء الرئيس السوري الصلاة. كل تلك المشاهد كانت تظهر على خلفية موسيقية وعبارات تسخر من الخطأ الفادح للإعلام السوري، كإطلاق تسميات جديدة على هذا الشاهد المتنقّل مثل «الشاعر الوطني»، و«المحلل»، و«المرشد السياحي»، و«مواطن لديه مشاكل اجتماعية».
وبعد اليوم الدامي الذي عاشته دمشق أول من أمس نتيجة تفجيرات عدة في أماكن مختلفة من العاصمة، عاد شعيب مع الأفلام التي تترصده إلى الواجهة. مواقع معارضة أحصت عدد مرات ظهوره، وبثت أكثر من فوتومونتاج كوميدي يسخر منه. وبحسب مدوّنة The Lede، فإن الشاهد النشيط قد أطفأ شمعة ظهوره التاسع عشر على التلفزيونات السورية، عندما أطل خلال لقاءات أجراها مذيع الأخبار السوري جعفر أحمد في مكان وقوع الانفجار في «شارع الثورة»، أول من أمس، ليدين «الإرهابيين والوهابيين والتكفيريين وجبهة النصرة الذين يدعمون هذه التفجيرات». وسرعان ما التقت صفحات التنسيقيات على صورة ثابتة للشاهد أثناء إجرائه اللقاء، وكتب عليها «عندما ترى هذا الشبيح صهيب شعيب يجري التلفزيون السوري معه مقابلة بعد كل انفجار على أنّه من أهالي الحي الذي يقع فيه الانفجار، فاعلم أنّ النظام المجرم وراء هذا التفجير». هكذا، تمسّك عدد من المعارضين بظهور الضيف الدائم واعتباره دليلاً على مسؤولية النظام عن التفجيرات.
بدلاً من إيقاف مراسلة «الميادين» ديما ناصيف عن العمل في سوريا لمدة شهرين بسبب جملة حقيقية قالتها (الأخبار 20/2/2013)، ربما كان الأجدر بوزارة الإعلام السورية و«المجلس الوطني للإعلام» إجراء تحقيق في الفضائح المتوالية لتغطيات الإعلام السوري، وأحدثها قضية الشاهد المتعدد المواهب!