السياسة حاضرة بقوة في الأوسكار. بطبيعة الحال، يأتي التساؤل ما إذا كانت الأفلام المتسابقة ذات الثيمة السياسية تتناول فعلاً الواقع السياسي المحلي والعالمي ضمن معالجات سينمائية صادقة. النظرة إلى عام 2012 بما شهده من أحداث وأفلام أميركية تتناول هذه الأحداث لا تعد بالكثير.
إعادة انتخاب أوباما لولاية ثانية ربما كانت الحدث الأبرز على الصعيد المحلي الأميركي، إضافة إلى استمرار الأزمة المالية العالمية، هذا عدا الأزمات السياسية المختلفة التي تلعب أميركا دوراً فيها بطبيعة الحال. من بين الأفلام التسعة المرشحة لأوسكار أفضل فيلم، لدينا عملان أشبه بدعاية رسمية للسياسة الأميركية، وفيلمان يتناولان موضوع العبودية في أميركا، وإعادة إحياء سينمائية لرواية فيكتور هوغو المعنية بالواقع السياسي والاجتماعي الفرنسي في القرن التاسع عشر.
تاريخياً، لعبت هوليوود دوراً هاماً في التعاون مع المؤسسات السياسية الرسمية كذراع بروباغندا للسياسات الخارجية الأميركية في حروبها العالمية من ناحية، أو لتقديم نظرة إيجابية عن الجيش الأميركي وسلاحه، إضافة إلى تكريس صور نمطية للشعوب «الشريرة» في آلاف الأفلام. هكذا، أُنتج العديد من الأعمال بالتعاون بين صنّاع الفيلم والمؤسسة العسكرية وحتى الاستخبارية. هذا العام، يأتي Zero Dark Thirty لكاثرين بيغلو الذي يروي قصة البحث عن أسامة بن لادن واغتياله على أيدي قوة أميركية خاصة كمثال بارز على ذلك. أثار الفيلم الذي تمت الاستعانة بعناصر استخبارية لتحقيقه ضجة هائلة حول العالم، بسبب استخدامه التعذيب طريقة فعالة للوصول إلى زعيم «القاعدة». ووصل الأمر إلى حد تشبيه بيغلو بليني ريفنستال التي اشتهرت بأفلام الدعائية للنازية. لا يمكن التكهن بمصير الفيلم في الحفل، لكنّ أحد أعضاء الأكاديمية أعلن علناً أنّه لن يصوّت لبيغلو. أيضاً، هناك «أرغو» الذي أخرجه بن أفليك وأدى بطولته. يحكي الشريط عن عملية «عبقرية» لتهريب دبلوماسيين أميركيين خارج إيران إثر اندلاع الثورة الإسلامية واقتحام السفارة الأميركية. انتُقد الفيلم بوصفه نوعاً من البروباغندا للاستخبارات الأميركية، بالإضافة إلى مغالطاته التاريخية والإثارة الدرامية على حساب الدقة.
قد يكون موضوع العبودية في السينما جاء هذه السنة كرد متأخر على انتخاب أوباما كأول رئيس أميركي أسود. «لينكولن» لستيفن سبيلبرغ و«دجانغو الطليق» لكوينتن تارانتينو يتناولان القضية نفسها من زاوية مختلفة. عمل تارانتينو لم يسلم من اللغط والجدل، والاستخدام المكثّف للفظ العبودية بشكل تعمّد الإهانة، وفق ما اتّهمه المخرج سبايك لي وآخرون، عدا العنف المفرط والمغالطات التاريخية. لكنّ «لينكولن» لم يسلم أيضاً من النقد رغم الاعتراف بأهميته، إذ اتُّهم بتقليص دور السود في التخلص من العبودية على حساب دور لينكولن وحساباته السياسية. الأوسكار هذه السنة سياسي إذاً، والتنافس على جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج سيكون مثيراً. وفي ظل غياب بيغلو عن ترشيحات الإخراج هذه السنة، قد تُمنح الجائزة لـ«لينكولن»، لكن من يدري، هوليوود هي هوليوود.