في عشرينيات القرن الماضي حين بلغت الحملات الاستشراقية في المنطقة العربية أوجها، ظهر «مغامرات الأمير أحمد» (1926)، أول فيلم متحرك طويل في تاريخ السينما من إخراج الألمانية لوتة راينجر (1899 ـ 1981). استوحيت قصة الفيلم من حكايات «ألف ليلة وليلة»، ونُفّذ بتقنية خيال الظل، وألّف موسيقاه الأصلية الألماني ولفغانغ زيلر، لكنّ «مغامرات الأمير أحمد» ظلّ محط أنظار موسيقيين كثر بعدها، وشهد جدلاً موسيقياً واسعاً خلال العقود الماضية.
فموسيقى زيلر كانت سيمفونية بشكلها الغربي الكلاسيكي التقليدي، لا تنسجم ولا تعبر عن أجواء الفيلم المستوحى من «ألف ليلة وليلة». على مر العقود، كانت هناك محاولات لوضع موسيقى جديدة تعبر عن أحداث الفيلم، وطبيعته الشرقية، آخرها عام 2011 من قبل الفرنسي ذي الأصول الكاتالونية رونو غارثيا فونس، لكنّ تلك المحاولات كانت تفتقر إلى عنصر غاية في الأهمية؛ ألا وهو البعد الثقافي المتعلق بتقديم أي عمل فني ينتمي إلى ثقافة أخرى وأخذه في الاعتبار. وهذا ما انتبه إليه الثلاثي الفلسطيني الإخوة خوري، الذين قدّموا تأليفاً موسيقياً جديداً لـ «مغامرات الأمير أحمد» سنسمعه غداً على مسرح «معهد العالم العربي» في باريس. العرض يقدّمه إيليا خوري (عود)، أسامة خوري (قانون)، باسل خوري (كمان وإيقاع شرقي) مع أبرز موسيقيي الجاز الفرنسيين: بيريك منيو (ساكسفون)، جان لوي بومييه (ترومبون)، غايتان نيكو (بيانو)، غيوم روبير (كونترباص)، آرنو لوشانتر (إيقاعات). يقول إيليا خوري لـ «الأخبار» إنّ فكرة وضع موسيقى جديدة لـ «مغامرات الأمير أحمد» ((إنتاج معهد العالم العربي، وتوزيع «هارمونيا موندي») بدأت عام 2006 حين طلب منهم معهد «غوته» في الأردن ذلك. وقتها جرى العمل على جزء من الفيلم (35 د من أصل 65 هي مدة الشريط). انتقل «الإخوة خوري» بعدها إلى باريس، حيث أسّسوا The Khoury Project. عند الاطلاع على الفيلم بموسيقاه الجديدة، نجد أنّ الإخوة خوري اشتغلوا على الصورة على نحو لافت؛ ما أعطى الفيلم زخماً وغنى أكبر من خلال توليفة تخلط بين الموسيقى العربية التقليدية والجاز فيوجن وموسيقى الفلامينكو... نقلات موفقة في اللحن والإيقاع، ومقامات عربية حاضرة بقوة، تنتقل بسلاسة إلى جاز معاصر بين حين وآخر. وفي مقاطع أخرى نستمع إلى حوار بين الساكسفون والترومبون، العود والقانون، مازجة أنماطاً مختلفة تتضمن الموسيقى العربية على نحو دائم، كما الموسيقى الغربية. يقول إيليا: «هذه التوليفة مقصودة فرضها الفيلم. الموسيقى العربية التقليدية عاجزة وحدها عن التعبير عنه كما الموسيقى الغربية. كان ضرورياً المزج بين العديد من الأنماط، لتكون المحصلة مزيجاً متجانساً يساعد الصورة ويبرز أحداث الفيلم الغنية». يذكر أنّ «الإخوة خوري» بصدد تسجيل اسطوانة «كزدورة في القدس» التي ستصدر في الشتاء.



الإخوة خوري: 8:30 مساء الغد ــ «معهد العالم العربي» في باريس ـــ
http://www.imarabe.org