دمشق | منذ السبعينيات، لم تتغير عقلية النظام السوري في التعاطي مع الإعلام وأهله، ولم يوفر جهداً كي يتحول هؤلاء إلى موظفين يلمّعون صورته ويبرّرون أخطاءه، بل ينسجون قصائد المديح بإنجازاته، وخصوصاً أنّه ترك للفروع الأمنية الحرية المطلقة في التدخل بكل تفاصيل الحياة الإعلامية السورية. والغريب أنّ العقلية ازدادت تشبثاً بالأساليب البائدة حتى بعد مرور ما يقارب سنتين على اندلاع الأزمة السياسية. ما سبق بدا جلياً في سياسة القمع والإلغاء والاعتقال التي مورست بحق الإعلاميّين، إضافة إلى تحوّل سوريا إلى مقبرة للصحافيين.
السلطات السورية تطمح لأن تكون الوسائل الإعلامية العربية مجرد كواكب تدور في فلكها وتسبّح وتحمّد بمناقبها، أو صورة طبق الأصل عن تلفزيون «الدنيا» الموالي أو صحيفة «تشرين». وما حصل أمس نكتة سمجة أخرى من المسرحية الهزيلة للتعاطي مع الإعلام. إذ أعلنت «الميادين» رسمياً أن السلطات السورية أوقفت مراسلتها في دمشق ديما ناصيف عن العمل لمدة شهرين على خلفية التغطية المباشرة لمراسم تنصيب يوحنا العاشر اليازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في باب توما. عند سؤالها عن الوضع الأمني خلال التغطية، قالت ناصيف إنّها تسمع أصوات انفجارات من أماكن بعيدة. هذه المعلومة صارت من بديهيات من يزور دمشق هذه الأيام، وخصوصاً المناطق القريبة من الغوطة. لكن «المجلس الوطني للإعلام» السوري الذي يفترض أنّه تأسّس لحماية الإعلاميين كان له رأي آخر. طلب تسجيل الرسالة التلفزيونية من ناصيف قبل أن يبلغها شفهياً إيقافها عن العمل لعدم امتثالها للدقة في نقل المعلومات، فمراسلون آخرون أكدوا أنّ الهدوء كان يسود العاصمة السورية حينها! وفي اتصال مع «الأخبار»، أكّد عبد الفتاح العوض عضو «المجلس الوطني للإعلام» أنّه لم يعلم بتفاصيل القصة بسبب وجوده خارج سوريا، في حين لم تجد اتصالاتنا المتكررة مع رئيس المجلس طالب قاضي أي إجابة. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر لـ«الأخبار» أنّ وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أبدى استياءه من القرار. أما مدير الأخبار في «الميادين» سامي كليب، فقد صرّح لـ«الأخبار»: «أثق بمهنية ديما ناصيف وبكل فريق مكتب دمشق ونقله للواقع رغم تعرّضه للخطر. ونحن نعرف أن الجهتين اللتين تهتمان بالإعلام في سوريا هما وزارة الإعلام والمكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية، وما وصلنا أنّه ليس لديهما مشكلة مع تغطيتنا لتنصيب البطريرك». أما ديما ناصيف التي عرف عنها المهنيّة منذ أن كانت في قناة «روسيا اليوم» ثم «الميادين»، فقد جاءت في زيارة سريعة لبيروت، فيما صرّحت مصادر مقرّبة منها بعدم نيتها الحديث في الموضوع. الأكيد أنّ الأسلوب القمعي في التعاطي مع الإعلام سيزيد طين الأزمة بلةً!
16 تعليق
التعليقات
-
ان للكاتبة كامل الحق في ابداءان للكاتبة كامل الحق في ابداء الراءي والاعتراض على هكذا تصرفات تسيئ بشكل اساس الى مرتكبها ولكن ليس لها الحق ابدا بتوصيف وسائل اعلامية اخرى وشكرا
-
الرجاء من الرفاق الشبيحة عدمالرجاء من الرفاق الشبيحة عدم شق الصفوف والامتناع عن مهاجمة الآنسة ديما نظراً لحساسية وضعها الذي قد يمثل سهماً في جعبة متصيدي أخطاء نظام الممانعة والمقاومة.
-
الخق يقالانا بيتي قريب من المنطقة وكل الحارة انتبهت يوم زيارة البطريرك الراعي ان توقف الضرب لمدة يوم ونص وحتى اخدنا الموضوع مسخرة انو كيف هدي الضرب واصوات المدفعية فجأة...
-
الكيل بعدة مكاييلمازال ظلم النظام مستمرا على ابناء الشعب السوري انا اطالب النظام بان يكون عادلا ومنصفا وله مكيال واحد يقيس به الامور
-
ديما ناصيف 1 عمليا ومنطقيا,الذي دافع عن الجزيرة و"مهنيتها" وحقها "المهضوم" (بمعانيها الثلاثة) بالتغطية من الداخل السوري..,لأشهر عديدة واكثر -مثلا لا حصرا-,على رغم انها كانت ترتكب (تسبب) في اثنائها (وما زالت) جرائم حرب موصوفة,من خلال تسونامي الكذب والتزوير والتمثيل والبلف والفبركة والتحريض والفتنة غير المسبوقة.. ثم "اتضح له" بأنه كان "غلطان"!,يمكن له -عمليا ومنطقيا- ان يكون "مغلط" في حالات مشابهة نسبيا,اليس كذلك؟,مبلا هو كذلك! ربما ان تقديسه "للحريات والحرية" في موسم "ربيع الحرية" الطويل جدا هذا,ومنه وسنامه "حرية الإعلام" تجعل شهادته في اخطاء هذا الإعلام مجروحة جرحا بليغا تحتاج معه إلى العناية الفائقة بإنتقاء العبارات وتوصيف الحالات..,فلا يقع في فخ التفجع والكلام الكبير الذي وقع فيه سابقا,خصوصا انه نادرا ما يقع في هذا الفخ عند الإتجاه المعاكس! -لا ريب ان مطلق سلطة (إلا النادر جدا) تهوى وتسعى إلى ان يكون الإعلام <كواكب تدور في فلكها وتسبّح وتحمّد بمناقبها>,ولا يجب ابدا على الإعلام المحترم الإستجابة لهواها والخضوع لمسعاها,بل لا بأس ابدا من المبالغة عند توصيف اخطائها مثلا,لكي لا تأخذ راحتها وتعلم ان هناك من يراقبها ويعد عليها زلاتها وارتكاباتها..,خصوصا ان كلنا يعلم حال السلطة القضائية البائس في بلداننا!,ولكن هناك فرق بين المبالغة والبروباغندا..
-
ديما ناصيف 3هل طبق المجلس القانون ام تجاوزه؟...,هل الإعلام خاضع لقانون ينظم عمله ام لا؟,هل من متعظ يرى ماذا يرتكبه قسم كبير من الإعلام غير المسؤول وغير المحاسب في كل العالم العربي كل يوم؟, وكل هذه الأسئلة في كفة وسؤال "مظلوم" : ماذا تفعل أي حكومة في العالم تعتبر انها في حالة حرب ورد اعتداء همجي على بلدها مع "رأي بين ظهرانيها يوافق هوى المعتدي" في كفة اخرى؟!,واستطرادا اين اعتماد النسبية هنا إذا كان الإنصاف قد مات مع الهوى؟! -ليس هناك أي نوع من النكات,ظريفها وسمجها,ولا المسرحيات,هزلها وجدها,,يمكن له ان يصف ماذا فعلته الأغلبية الساحقة من الإعلاميين العرب والعجم منذ سنتين بحق سوريا,و"اللي على راسه بطحه يحسس عليها".. -اما الأستاذ سامي كليب ومع كل الإحترام والتقدير له,فنحن نطالبه ان يهتم بـ`الواقع كما هو` وليس ان "يشهد للعروسة" او يسلك درب ال"6 و6 مكرر" طمعا بمزيد من الإنتشار او خوفا من "دعاة نصرة الحرية"!,وليعذرنا لأن "اللى اتلـسع من الشوربه ينـفخ فى الزبـادى"!!
-
ديما ناصيف 2-ليس صحيحا انه <منذ السبعينيات، لم تتغير عقلية النظام السوري في التعاطي مع الإعلام وأهله>,والدليل هو ان <المجلس الوطني للإعلام طلب تسجيل الرسالة التلفزيونية من ناصيف قبل أن يبلغها شفهياً إيقافها عن العمل (لمدة شهرين) لعدم امتثالها للدقة في نقل المعلومات>,وكلنا يعلم كيف كانت <الأساليب البائدة> سابقا مع أي صوت إعلامي مخالف,إن كان من جهة الجهة السلطوية المتدخلة,او من جهة نوع العقوبة.. -ما لنا ونفسها المعارض الواضح فهي حرة,ولكن عدد كبير من تقارير ديما ناصيف على مدى تغطيتها للأحداث من شاشة الميادين كان يفتقد إلى الدقة,وكمثل سابق على معلوماتها المناقضة لمراسلين آخرين من نفس موقع الحدث,فهي اصرت مرة (من بعيد) على ان "مسلحي المعارضة" في عقربا قد وصلوا قريبا من طريق المطار وقطعوه بالنار..,بينما كان في نفس الوقت تقريبا مراسل تلفزيون آخر بالصوت والصورة وشهادات المارين على الطريق..يؤكد انه مفتوح! -المقال الإنطباعي الإحتجاجي اعلاه لا يقدم لنا معرفة عن حيثيات الحالة التي دعت إلى كتابته,هل كانت ناصيف محقة ام "المراسلون الآخرون" في اثناء التنصيب؟ (شو بديهيات يعني؟,24/24 القصف في دمشق مثلا؟!) وهل هذا هو السبب الوحيد للقرار؟,هل كان يمكن الإتصال بعضو آخر من المجلس الوطني للإعلام ليس مسافرا؟!,
-
هذه المذيعة غير مريحة اطلاقاهذه المذيعة غير مريحة اطلاقا و لم استغرب هذا القرار ليس بالشبهة وحدها يتم ايقاف الصحفيين و النظام ليس غبيا و كفوا عن التعامل معه على هذا الاساس
-
الحرية للصحافية ديما ناصيفإذا كان هذا النبأ صحيحاً فإنّي أستنكر هذا التصرف العشوائي والتسلطي بحق الصحافية ديما ناصيف التي تمارس مهنتها بكل ضمير. وهذه الإجراءات الظالمة إنّما تؤكّد من جديد ضرورة التغيير في سورية من أجل الحرية والديمقراطية. وكان من الواجب أن تُمنح السيدة ناصيف وساماً على عملها في نقل الخبر والمعلومة بأمانة بمواجهة مئات الفضائيات المناهضة التي تمارس التحريض والكذب بشكل سافر ضد سورية. وكنا نتوقع بعد هذه الحرب التي سقط فيها 50 ألف قتيل - والتي نتمنّى أن تنتهي اليوم قبل الغد - أن يلتفت المجلس الوطني للاعلام إلى ما يواسي الناس ويضمد جراح المواطن لا أن يحرّك الجراح عن فقدان الحريات منذ أكثر من خمسين سنة في سورية بلد العراقة والجمال والخير. د. كمال ديب بروفسور الاقتصاد / كندا