القدس | صورٌ من قطاع غزة والعراق المحتل وقمع الانتفاضات العربية مدموجةً بلوحات لرسامين عالميّين، هي ما نجده في معرض «غيرنيكا غزة» للفنان الفلسطيني محمد الحواجري (1976 ــ مواليد مخيم البريج في قطاع غزة) الذي يُعرض في «المركز الثقافي الفرنسي ـــ شاتوبريان» في القدس المحتلة. في الفوتومونتاج الذي لجأ إليه، يدمج الحواجري لوحات لبابلو بيكاسو، وأُوجين دولاكروا، وسلفادور دالي ومارك شاغال وغيرهم، باستخدام برنامج الفوتوشوب، مع صور من مشاهد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2009، وصور أُخرى للجدار والمُلثّم الفلسطيني.
غيرنيكا تلك القرية الباسكيّة في شمال إسبانيا التي قصفتها الطائرات الحربية النازية والفاشية بطلب من الجنرال فرانكو خلال الحرب الأهلية الاسبانية عام 1937، وخلّدها بيكاسو في لوحته الشهيرة «غيرنيكا» (1937)، صارت في المعرض قطاع غزة. وفي اللوحة الشهيرة «الحرية تقود الشعب» (1830) لأُوجين دولاكروا، ترفع المرأة/ الحرية العلم الفلسطيني بدلاً من العلم الفرنسي، فيدمج الحواجري في خلفية اللوحة صوراً لتظاهرات فلسطينية، وعمارات مقصوفة وطائرات حربية إسرائيلية، وأُناس يحملون شاباً جريحاً. وفي لوحة «سرّ العشاء الأخير» لسلفادور دالي، يدمج الحواجري صورةً لحمامة سلام بيضاء فوق رأس الملثّم الفلسطيني الذي يتصدر طاولة يتحلّق حولها حواريّو المسيح. وفي لوحة أُخرى لمارك شاغال، تطير الشخصيتان «فوق المدينة» التي يفصلها جدار الاحتلال الإسرائيلي. وفي لوحة «الربيع العربي» تلبس موناليزا دافنشي الحطّة الفلسطينية، وخلفها خارطة الوطن العربي وعلم فلسطين وجماهير ترفع اللافتات.
في معظم لوحات «غيرنيكا غزة»، يقترب الطرح البصري من «الكيتش» والتصوّرات الشعبية التى ترى أيضاً في الملثّم الفلسطيني «مسيحاً»، وترى الموناليزا تلبس حطّة فلسطينية، وترى شخصين طائرين فوق البلدة الفلسطينية كخلاص من الجدار. بالكاد نجد تجديداً بصرياً أو فكرياً لهذه التصورات الشعبية عن البطل والضحية والاحتلال، وهي بعض الثيمات التي تظهر في لوحات المعرض. مشاهد العنف والدمار في لوحات الرسامين أو الصور الفوتوغرافية، هي ذاتها في لوحة الحواجري. بالكاد نلمس زحزحة لمعاني الصور واللوحات أو إدهاشها واستفزازها للمتلقي، وهي من العناصر التي لازمت فن الفوتومونتاج الذي ازدهر عشية الحرب العالمية الأولى.
يقول الحواجري عن معرضه: «أردت لفت أنظار الغرب إلى الوضع في غزة وفلسطين من خلال استخدام لوحات رسّاميه، وإسقاط صور من واقعنا الأليم عليها». وعن الفكرة التي دفعته إلى إنجاز «غيرنيكا غزة»، يقول: «من خلال اللوحات المطبوعة على ورق تصوير، أردت أن أُشير إلى أنّ العنف لا دين له، ولا ينحصر في منطقة جغرافية معينة، لأنّ موطنه قلب الإنسان أينما كان على هذه الأرض». لعل من المهم هنا الإشارة إلى أنّ اختيار الحواجري للفوتومونتاج يندرج في سياق الصعوبات التي تواجه الفنانين في الحصول على مواد الرسم في قطاع غزة المُحاصر. لذا، يعدّ الانترنت والكمبيوتر وسيلة عمل حيوية، وهذا ما دفع الحواجري إلى اختيار الفوتومونتاج للعمل على معرضه.

«غيرنيكا غزة» لمحمد الحواجري: حتى 28 شباط (فبراير) ـــ «المركز الثقافي الفرنسي – شاتوبريان»، شارع صلاح الدين الأيوبي، القدس المحتلة



سيرة

في عام 1999، أنجز محمد الحواجري (1976) معرضه الفردي الأوّل الذي حمل عنوان «وجوه جديدة» لتليه بعدها معارض فردية عدة منها «روح وروائح» (2007). رحلة الفنان الفلسطيني المقيم في قطاع غزّة، تخللتها مشاركات في مهرجانات مختلفة داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى مشاركاته في معارض جماعية في فلسطين، ومصر، وفرنسا، وسويسرا وأستراليا وغيرها من البلدان. يشرف الحواجري على برنامج الفنون الجميلة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة (PRCS)، وقد حاز الجائزة الأولى في «مؤسسة دارة الفنون» (عمان) عام 2000.