في «ذبائح ملونة»، ينجز سليم اللوزي (1986) رواية آمنة حيث لا تعقيد في بنية سردها الأساسيّة، تتخللها مساحة نسبية من الحوارات بشكل يلائم طبيعة النص. لا تداخل في السياقات الزمنيّة لفصول الرواية الأربعة الصادرة عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر». وفيما يلتزم الروائي لغةً تقترب من الالتزام، لا يبتعد كثيراً عن أساليب حفرت في لوحة الأدب العربي عبر هذا الشكل من القصة أو الخربشات كما يحلو له تسميتها. يتداخل العاطفي في الجانب السياسي والاجتماعي، بمعنى تظهير المشاعر والانفعالات الداخلية للشخصية الأساسية ضمن إيقاع سردي سريع نسبياً، بشكل يتلاءم مع المسار الذي تتشكل خلاله سلسلة الأحداث. انفعالات تلازم واقعاً مزرياً لا يشير إلى إمكانية لتدارك مآسيه الإنسانية المتراكمة. قد تكون علاقة الحبّ العابرة بين راجح المغربي وحبابة السودانية في فندق باريسي، ثم انقلابها رحلة بحث عن الحب، مأزقاً ضرورياً أو مدخلاً لازماً نحو تصدعات أساسية في الرواية أراد الكاتب تظهيرها بشكل لا يخرج عن نطاق الذات وتساؤلاتها. هذا من دون الغرق في يقينيات مثالية غير مأمونة للقارئ. حتى أكثر الأحداث إيلاماً ونمطية في بلد عربي كالسودان، يُراد لها في السرد أن تنقلب تساؤلات كبرى: «كيف للحياة أن يكون لها معنى من دون أن تجتاز سراديبها المميتة من جوع وعوز وفقر وراحة؟».
خلال الرحلة، تتفتّح أوصال البلد المريض أمام ناظرَيْ راجح. هنا يقع على التناقضات والصراعات الثقافية والسياسية والأهلية. صراعات تخرّب البشر والحجر في بلد غامض وعريق بحضارته. بين أم درمان عاصمة الصوفية وبورتسودان الميناء الرئيسي ودارفور حيث عمليات التطهير العرقي والاغتصاب وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة الجرحى، تنعكس قسوة الحدث والصورة بشكل تصاعدي على السرد.
عجزٌ يتفاقم على الجهتين، جهة الراوي وجهة المتلقي: مشهد اغتصاب أختين في دارفور أمام عائلتهما في مقابل عملية سمير صديق راجح الانتحارية في بعثة الأمم المتحدة، مستهدفاً السفيرة الأميركية. يصل بالكلام إلى ما يشبه ذروة شعورية يختتمها الكاتب بكلمات لشاعر الدينكا (قبيلة في جنوب السودان): «الآلام التي ظلّت تقاسيها أمّتنا ليست قطعاً آلام المرض، بل هي يقيناً آلام الطلق».