القدس المحتلة | في الفيلم الوثائقي «ضد التيار» (الأرز للإنتاج ــ 2013) الذي عرضته قناة «الجزيرة» أول من أمس ضمن برنامجها «فلسطين تحت المجهر»، يجول بنا المخرج الفلسطيني الشاب بلال يوسف مع الصحافي الإسرائيلي جدعون ليفي (1953) في زياراته الأسبوعية للضفة الغربية المستمرة منذ ثلاثين عاماً. اعتاد ليفي توثيق جرائم الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، ليكتب عنها لاحقاً في عموده الأسبوعي في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية. لكن صورة الصحافي «الملعون» اهتزّت في مجتمعه على يدي يوسف، لمصلحة جرعة زائدة من التضخيم، إذ حُمّل في العمل المسؤولية المطلقة عن «كراهية العالم لإسرائيل»!
الناشط في حقوق الإنسان باسم عيد الذي يُرافق ليفي منذ 24 عاماً في زياراته لبعض البيوت الفلسطينية المُهدّمة، والعائلات الفلسطينية التي استُشهد أبناؤها أو اعتُقلوا، يشكو إهمال الوطن العربي لمقالات ليفي. يسأل في الشريط: «لماذا لا تدعوه الجامعة العربية لإلقاء محاضرة في القاهرة أمام السفراء العرب عن ارتكابات إسرائيل؟»، مضيفاً أنّ الصحافي الحائز درجة الماجستير في العلوم السياسية من «جامعة تل أبيب» يصلح لأن يكون «مفاوضاً لا صحافياً». وهذه الفكرة تصير شعبوية إذا فحصنا اسم جدعون ليفي على محرك البحث غوغل، لنرى الاهتمام بترجمة مقالاته إلى العربية، وانتشارها في الإعلام الإلكتروني والجرائد الفلسطينية.
يتطرق الفيلم أيضاً إلى ردود فعل المجتمع الإسرائيلي الغاضبة تجاه مقالات الصحافي الحائز «جائزة السلام من خلال الإعلام» خلال الدورة الثامنة من حفل توزيع «جوائز الإعلام الدولية» الذي أقيم في لندن في أيّار (مايو) الماضي. «أنتَ بوق للدعاية النازية، وعليكَ الحصول على مواطنة شرف من السلطة الفلسطينية...». هذه عيّنة من تعليقات بعض القراء الإسرائيليين الغاضبين الذين يذهب بعضهم إلى أنّه «يكفي أن تقرأ جدعون بالإنكليزية حتى تعرف لماذا يكرهنا العالم». هذه الرسالة يعززها كلام الصحافي في صحيفة «معاريف» بن درور يميني الذي يرى أن «مقالات ليفي تخلق شحنات كبيرة من الكراهية»، مشيراً إلى أنه «حين أُسافر وأُلقي محاضرات في الخارج، يقولون لي إنني وحش، مستشهدين بكتابات جدعون ليفي»، كأن تاريخ الكيان الغاصب ليس حافلاً بالجرائم والانتهاكات التي تشكّل دليلاً قاطعاً على دمويته.
من المؤكد أنّ حياة جدعون ليفي المهنية مليئة بالقصص التي كان ممكناً إبرازها في «ضد التيّار»، عوضاً عن فرض صورة مُفبركة لهذا الصحافي على القناة القطرية. إنّه صحافي إسرائيلي يتفقّد سيارته يومياً تحسباً لخطر ما لأنه يعيش في مجتمع يتغّذى على الصهيونية. كذلك فإنّ مقالاته في «هآرتس» تكتب بأُسلوب صادم لإغضاب الإسرائيليين و«جعلهم يستفيقون» وفق ما يقول في نهاية الشريط، قبل أن يضيف: «أشعر بأنني أكتب للتاريخ. بعد سنوات، سيفتح أحدهم الأرشيف، ويقول إنه رغم كل ما حصل، كان هناك صوت آخر».

«ضد التيار» يعاد على «الجزيرة» في موعد يُعلَن لاحقاً