لم يكن يتوقع من السيناتور الجمهوري جون ماكين إلا هذا الكم من الخفة عندما أطلق في تغريدة على تويتر «نكتته» السمجة والمليئة بالعنصرية. أثار المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الأميركية الاثنين الماضي ردود فعل حادة عندما قارن في إحدى تغريداته على تويتر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالقرد الذي أعلنت إيران إرساله في مكوك إلى الفضاء قبل أيام.
السيناتور السبعيني تساءل في التغريدة: «إذن أحمدي نجاد يريد أن يصبح أول إيراني في الفضاء، لكن ألم يتوجه إلى هناك الأسبوع الماضي؟ وأرفقت التغريدة بوصلة إلى مقال بعنوان «إيران تطلق قرداً إلى الفضاء»». إلا أنّ سيل الانتقادات التي أتته من مواطنيه الأميركيين متهمة إياه وحزبه بالعنصرية، دفعته إلى التراجع متحجّجاً بالمزاح. حتى إنّ إحدى التعليقات من شاب أميركي استهجنت الأمر قائلة: «ماكين يشبّه الإيرانيين بالقرود!» كأنّه لا يصدق أن هذا الدم العنصري صدر عن شيخ من شيوخه بغض النظر عن موقفنا من نجاد.
لطالما عرف عن المرشح العجوز أنه سريع الغضب وكان من بين اميركيين قلّة عارضوا انسحاب القوات الأميركية من العراق. الرجل الذي أمضى خمس سنوات في الأسر خلال حرب فيتنام، خرج متطرفاً لا يعرف المساومة. وما التغريدة الأخيرة إلا مثال على ذلك. لكن يبدو أنّ «القرد» الإيراني لم يثر ماكين فحسب، بل كان محرّكاً لعدد هائل من التقارير في الصحف الأجنبية. تقارير ذهبت في عبثيتها إلى التشكيك بالتجربة الفضائية الإيرانية، عبر نبش صور لقرد أرسل سابقاً إلى الفضاء، والمقارنة بين الصورتين بهدف التشكيك في الرواية الإيرانية. إلا أنها لم تكن أيضاً بمنأى عن السخرية. أتت تعليقات كثيرة عليها عبر فايسبوك، متسائلة: «ألا تشبه القرود بعضها؟»، وإلى ما هنالك من تعليقات تعرّي هزالة المنطق الذي يسود محاولات الاستثمار السياسي في الحروب الكونية. إنها الخفة أن يسخر سيناتور أي دولة من رئيس دولة أخرى مجاناً وبكل «استعباط». ولا داعي للتساؤل هنا ماذا لو أتى الأمر معاكساً، أو لو أنّ أياً كان على وجه المعمورة استبدل «مصطلح الإيراني» بالإسرائيلي، لكانت قامت القيامة ولم تقعد، واستعرت الأقلام منددةً بمناهضة السامية! ويكفي هنا أن نذكّر كيف اعتذر مردوخ لمجرّد نشره رسماً كاريكاتورياً يظهر نتنياهو يبني جدار الفصل العنصري المضرج بالدماء... دماء الفلسطينيين طبعاً.
يبقى الشيء الوحيد أنّ زمن إطلاق النكات العنصرية من قبل رجال السياسة قد ولّى. لم يعد هناك من مجال للاختباء في عصر مواقع التواصل الاجتماعي. لم يعد أي مغرد يشدو على ليلاه دون حساب. الكلّ متأهب على تويتر، فحذار أيها السياسيون!
(جود حجار ــ دبي)

عين القراء على المشهد الإعلامي العربي والـ«نيوميديا». أرسلوا مساهماتكم في نقد البرامج التلفزيونية والظواهر على مواقع التواصل الاجتماعي:
[email protected]