لم يكد برنامج «بس مات وطن» يلتقط أنفاسه الأولى في عودته الى شاشة lbci بعد المشاكل التي حصلت مع شركة «باك»، حتى تعرّض لحملة شرسة من الترهيب والوعيد وصلت الى حدّ التهديد بالقتل و«إراقة الدماء» تبنّاها أنصار الشيخ أحمد الأسير. حصل ذلك على خلفية الإعلان الترويجي لحلقة الأسبوع الماضي من البرنامج. الإعلان يشي بكليب غنائي تظهر فيه شخصية تقلّد الشيخ أحمد الأسير وتقوم بأداء أغنية تحكي رحلته الى كفرذبيان ومن خلفه ترقص إحدى المنقبات. هذه المشاهد كانت كفيلة بتحريك مناصرين للأسير في «الشارع السنّي» بعدما تحرك في 2006 آخرون من «الشارع الشيعي» جرّاء تقليد شخصية السيد حسن نصر الله. تقليد الأسير لم ير فيه كاتب البرنامج ومخرجه شربل خليل أي سوء في حديثه إلى «الأخبار»، بما أنّ هذه الشخصية تمارس بطبيعة الحال «الاستعراض السياسي» من «التزلج الى اللعب مع الكلاب والركوب على الدراجة». ويرى خليل أنّ الأمر عندئذ يمسي «مخففاً» في البرنامج مقارنة مع باقي الـ«show» الذي يمارسه الأسير أمام الإعلام.
كان يُفترض أن يعرض الكليب يوم الجمعة الماضي. لكن يبدو أنّه لن يُعرض أبداً تفادياً لأي تحرك يمكن أن ينفذ في الشارع، و«حفاظاً على الممتلكات العامة» يقول خليل. ولدى السؤال عن تكرار هذا النوع من الترهيب في كل مرة تقلَّد فيها شخصية دينية تتعاطى الشأن السياسي، ينفي المخرج اللبناني تناوله للقضايا الدينية في برامجه، مضيفاً أنّ التركيز يبقى على البعد السياسي. وهنا يسأل: «لماذا عندما قمت خلال الأسابيع الماضية بتقليد شخصيتَيّ مار مارون ومار متر في إطار تناول القانون الأرثوذكسي، لم يتحرّك أحد، لا الموارنة ولا الأرثوذكس؟»، مؤكداً أنّه و«المؤسسة اللبنانية للإرسال» لن يخافا الترهيب، لكن ما فعلاه هو «امتصاص للنقمة» لا أكثر.
الاعتراض كما يظهر ليس على تقليد شخصية الأسير، بل على ظهور المرأة المنقبة في الكليب وهي ترقص الى جانبه. وهنا يتحدّى خليل الشيخ السلفي، قائلاً إنّه قد يعدّل هذا المشهد في عملية المونتاج ويبقي على الأسير «وليتحمّل مسؤولية كلامه هذا». وينفي خليل بشكل قاطع ما تداولته بعض المواقع الإلكترونية بأنه قام بتصميم دمية للشيخ الأسير كي يعرضها في برنامجه الفكاهي الآخر «دمى قراطية».
موجة الترهيب والتلويح بالعصا أمام الأعمال الفنية، خصوصاً البرامج الفكاهية الساخرة، يرى فيها المستشار القانوني لجمعية «مهارات» طوني مخايل خطورة كبيرة على الحريات وكل أشكال التعبير الفني. وأعرب الناشط عن خشيته من إصابة لبنان بعدوى «الربيع العربي» في تونس التي تتعرض لشتى أنواع الترهيب والتشويه للأعمال الفنية. وعلّق في حديث مع «الأخبار» على التهديد الذي تعرض له خليل بالقول إنّ الأسير شخصية عامة ويحق لأي كان انتقاده، عدا كونه في الأصل يستدرج الإعلام عبر مختلف الاستعراضات التي يقوم بها. ومع ذلك، فهو مؤيّد لما سمّاها الرقابة اللاحقة على الأعمال الفنية في حال تعرّض أحد لأي نوع من القدح أو الذم. لكن مخايل يضيف أنّ خليل لم يقم بهذا الأمر من الأساس، لكنه يتناول ككثيرين الأحداث الحاصلة بطريقة ساخرة لكنها تحمل أيضاً رسائل عدة الى المشاهدين.



«بس مات وطن»: الجمعة الساعة 20:30 على lbci