يبدو أنّه راق صاحبَ «حرتقجي» هشام حداد أن يحوّل برنامجه الساخر المفترض أن يقوم على «الحرتقة» والتهكم، الى «توك شو» يتناول قضايا جادة تشغل الرأي العام اللبناني. بعد تخصيص حلقات للحديث عن القوانين الانتخابية واستضافة ذوي أحد المخطوفين اللبنانيين في إعزاز السورية، ها هو يأتي أول من أمس بقطبين متناقضين: الداعية السلفي الشيخ عمر بكري فستق، ولارا كاي التي عرّفت عن نفسها بأنها «بنت عادية عم تتسلى» ليطرح السؤال على صفحة otv قبل البدء بالحلقة التي روّج لها لمرات: «أيّ لبنان تريد؟ لبنان عمر بكري أم لبنان لارا كاي؟».
الطرفان لم يلتقيا ولم يجلسا على طاولة واحدة، بل أخذ الشيخ الحصة الأكبر من البرنامج الممتد لساعة ونصف ساعة، والجزء الأخير كان لكاي. في البداية، طرح حداد المواضيع التي شغلت الساحة اللبنانية أخيراً: من الجدل حول قانون الزواج المدني، الى رحلة الشيخ أحمد الأسير الثلجية الى كفرذبيان، وصولاً الى إعدام سجين في «سجن رومية» على أيدي الإسلاميين الذي ـــ للمناسبة ـــ لم يطرح على طاولة النقاش. في المحورين الأولين، تسلّم الشيخ عمر بكري دفة الكلام، فأضحى رئيس الهيئة الإدارية في جمعية «شمل» طوني داوود الذي مثّل المجتمع المدني مجرد ضيف «رفع عتب» بهدف إقامة توازن شكلي في النقاش حول الزواج المدني. تحوّل الحديث في الاستديو مع مجموعة «المحرتقين» الآخرين (ليال ضو وماهر حداد) الى جلسة تثقيف ديني للشريعة الإسلامية التي اختُزلت بهذا الداعية. دار النقاش حول زواج المسلم بالمسيحية وفترة الخطوبة وزواج المسيار وأُهمل الناشط المدني الذي سُمح له بالتحدث قبل انتهاء الفقرة ليخبر عن تحركاتهم في سبيل قوننة الزواج المدني. وبعد عرض شريط استصرح رأي الناس في الشارع حول هذا الموضوع، «استنتج» حداد أنّ «الأقليات تخاف الزيجات التي تحصل مع الأديان الأخرى» وأنّ «المسيحيين متشددون أكثر في موضوع الزواج المدني». كما في الفقرة الأولى، كذلك في التالية، كان الداعية بكري النجم الأبرز من دون منازع هذه المرة. خُصصت الفقرة للحديث عن رحلة الأسير الى كفرذبيان مع «400 من أنصاره». كذلك، تضمنت هذه الفقرة استصراحاً لهذه الرحلة التي جاءت كلّ الآراء فيها سلبية (للمصادفة؟) وتلقف الداعية هذه الآراء ليقوم بالدفاع عن الأسير ويكمل حداد أسئلته «الشغوفة» في استكشاف فتاوى الدين الإسلامي في خروج واضح عن المحور المطروح. كان الحديث متمحوراً حول تحريم المعايدات بين المسلمين والمسيحيين التي أفتى بها الشيخ بكري، كما تطرقت «الحرتقة» الى الرئيس المصري محمد مرسي الذي «لم يقم نظام الخلافة هناك»!
وطبعاً، مسك الختام كان مع «المتسلية» لارا كاي التي علّقت على وجود الشيخ السلفي قبل مجيئها «منيح قطع قبلي ومش معي» لتتحول الجلسة معها الى استعراض لأبرز إطلالاتها الإعلامية وانطلاقها نحو عالم الأضواء من شريط صوّرته في منزلها يرصد حياتها على موقع يوتيوب. بعدها، أعلنت انضمامها الى حركة ميريم كلينك الانتخابية وترشّحها للانتخابات «إذا سمحلي الجنرال، سأترشح على قائمة التغيير والإصلاح الاجتماعي»! ولعل أبرز تعليق على هذه الحلقة أتى على صفحة القناة البرتقالية على فايسبوك عندما قال أحدهم: «سمعت الشيخ فستق، قرفت الدين. سمعت لارا، قرفت الحرية».

«حرتقجي» كل أربعاء 8:30 على otv