تونس | إذا كانت ٢٠١٢ سنة متعبة للصحافيين التونسيين الذين عاشوها في صراع متواصل مع الحكومة التي تسيطر عليها حركة «النهضة» ومع «رابطات حماية الثورة» المحسوبة عليها، فانّ ٢٠١٣ ستكون أكثر إنهاكاً وفق المؤشرات الأولى. في الشهر الأول من 2013، ظهرت مؤشرات تدفع الى التشاؤم. فقد تسبّب نشر تحقيق عن العصابة التي تعدّ لعمليات في تصفية لبعض الصحافيين والشخصيات السياسية في رفع قضية ضد الصحافي صابر المكشر من جريدة «الصباح». كما طلبت رئاسة الحكومة من الإعلاميين عدم طرح أسئلة في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة حـمادي الجبالي مساء السبت، ما دفع نقيبة الصحافيين نجيبة الحمروني الى الدعوة لمقاطعة المؤتمر احتجاجاً على هذا الإجراء الأول من نوعه ربما في العالم! هذه الضغوط دفعت رئاسة الحكومة إلى التراجع عن طلبها. لكن الأكثر إثارة في ملف الاعلام في بداية 2013 هو بلا شك الحكم الصادر أخيراً بحبس الصحافي نزار بهلول أربعة أشهر. صاحب موقع «بزنس نيوز» الذي صدر الحكم بحقّه غيابياً، قال إنّه لم يتلق أي دعوة للمحكمة، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام. وصدر هذا الحكم القاسي في قضية رفعها ضده سفير تونس الأسبق في أبوظبي أحمد بن مصطفى.
وبغض النظر عن تفاصيل القضية وملابساتها، اعتبر الفاعلون في المشهد السياسي والإعلامي والحقوقي الحكم قاسياً وغريباً، فللمرة الأولى يصدر حكم بالسجن على صحافي بسبب مقالات كتبها. وذهب البعض الى اعتبار الحكم متصلاً بما ينشره الموقع من وثائق تدين الأداء الحكومي، من بينها القضية الشهيرة مع الوزير المستشار السياسي لطفي زيتون. إذ كشف الموقع أنّه يملك حصة في فضائية «الزيتونة» التي يديرها نجل وزير التعليم العالي منصف بن سالم القيادي في «النهضة». وقد تلقفت الصحافة التونسية الوثائق التي نشرها الموقع التي تؤكد مساهمة زيتون في رأس مال القناة، وهو ما كذّبه الوزير الذي اعتبر أنّ الوثائق مفبركة، لكن تبيّن في النهاية أنّ الوثائق سليمة! وأشار بهلول إلى أنّه سيعترض على الحكم الصادر بحقّه. لكن ملابسات الحكم أثارت ردود فعل بين الإعلاميين الذين اعتبروها مؤشراً جديداً إلى محاولات الحكومة وخصوصاً «النهضة» لتوجيه الاعلام وكتم الأصوات المعارضة ونشر الخوف. أضف إلى ذلك حملات التشويه والهجوم الذي تشنّه صفحات قريبة من «النهضة» على الصحافيين المعارضين بينما تعمل الحركة على خلق اعلام موازِ وبعث قنوات وإذاعات وصحف جديدة بل حتى وكالة أنباء خاصة، وهي الاستراتيجية التي أعلنها زعيم الحركة راشد الغنوشي قبل أيام.



أين البطاقة؟

مع انطلاقة كل عام، اعتاد الصحافيون التونسيون الحصول على البطاقات المهنية التي تمنحهم امتيازات في التنقل داخل تونس وخارجها وتسهّل مهمتهم. لكن منذ صعود الترويكا الى الحكم، أصبح الحصول على هذه البطاقة معضلة! حتى الآن، لم يفتح باب الترشّح للحصول على البطاقة التي تمنحها رئاسة الحكومة. وفي النهاية، ستضطر هذه الأخيرة الى إصدار بلاغ آخر للتمديد في صلاحية البطاقة الحالية التي في حوزة الإعلاميين. والسؤال الذي يطرحه الصحافيون اليوم: لماذا انتظرت رئاسة الحكومة كل هذا الوقت لفتح باب الترشّح؟ لعله وجه آخر من وجوه استهداف الصحافيين.