لم تتمثّل مرحلة الاحتلال العثماني لبلاد الشام وإعلان دولة الكبير في الدراما اللبنانيّة إلّا بشكل متواضع. ولعل العمل الأكثر نضوجاً عن تلك الفترة لم يولد بعد، غير أن الأيام الماضية شهدت البدء بتنفيذ «قيامة البنادق» للكاتب محمد النابلسي. يوضح الأخير لـ«الأخبار» أنّ «العمل يشكل إطلالة على مفصل تاريخي مهم، ويطل على البيئة الجنوبيّة التي تنطلق منها الأحداث عام 1912 حتى 1926». ويعرب عن ثقته بقدرات المخرج عمار رضوان. ويلفت إلى أن «الأحداث تنطلق من المالكية، إحدى القرى السبع، ويحمل العمل رسالة سياسية مفادها أنّ القرى السبع من حق لبنان». أبطال الحكاية هم أبو حيدر أحد وجهاء القرية ولسان حال الفلاحين المنتمي إلى جمعية «العهد» التي كانت تواجه بدايات الهجرة إلى فلسطين، والتواطو العثماني مع هذه الهجرة، وعائلته المؤلفة من 4 شبان وعليا. يستشهد ابنه حيدر ويتفرق باقي أبنائه، ويطرده العثمانيون من القرية. يلجأ إلى منزل السيد عبد الحسين شرف الدين (علي سعد)، وأبطال تلك المرحلة أدهم خنجر وصادق حمزة ومحمود بزي وأحمد مريود في الجولان التابع لسلطان باشا الأطرش، وملحم قاسم في البقاع. ويطل عمّار شلق في دور الأرمش (أي القبوط)، الطفل الذي أحضره أبو نعيم المكاري بعد مقتل عائلته خلال مجازر الأرمن، ويقع في حب عليا، لكن والدها يرفض تزويجهما، فيصبح عميلاً للأتراك قبل أن ينقلب عليهم ويتخذ خطاً وطنياً.
ويلفت النابلسي إلى أن «العمل يضم شخصيات عدة منها وائل بك (أحمد الزين) الذي يتعامل مع الاحتلالين العثماني والفرنسي للإبقاء على نفوذه في جبل عامل، سيما قرية المالكية، لكن لن تشفع له عمالته، إذ يستحوذ اليهود على أرضه نتيجة الاستيطان في فلسطين». وتضيء الأحداث على محمود بزي كأحد الثوار الأوائل ضد العثمانيين، وصادق حمزة الذي يستشهد على ضفاف نهر الأردن، وأدهم خنجر الذي ينسق مع أحمد مريود في الجولان. وكان خنجر أول من واجه الفرنسيين في معارك عدة أشهرها «معركة المصيلح». ويضيف النابلسي: «للدلالة على الأطماع التاريخيّة للصهاينة بفلسطين، نشاهد سمعان وهو عراب توطين اليهود في فلسطين، وزوجته تيا وابنهما رؤول الذي تكلفه المنظمة الصهيونية بإثبات أن فلسطين هي حق لليهود تاريخيّاً، لكنه يخفق في الادعاء المرتكز على التلمود، فتتم تصفيته، وتجن تيا بعد مقتل ابنها. ولأنها تعلم بأن ما من حق لليهود في هذه الأرض، تبدأ بفضحهم فيقومون بتصفيتها أيضاً، ثم يولا التي تستغل اليوزباشي العثماني (مجدي مشموشي) الذي يغض النظر عن هجرة اليهود مقابل المال، وديفيد (الوسيط مع الدول الغربية وأحد المنتمين إلى الصهيونيّة العالميّة). هذه المرة، تضرب الدراما اللبنانية في التاريخ، ويتوقع أن يكون العمل مختلفاً، فكل الإمكانات ستوظَّف لإنجاحه.