تونس | شنّ مئات التونسيّين هجوماً على مذيع قناة «الجزيرة» المصري أحمد منصور (1962) عبر صفحته الخاصة على فايسبوك، وخصّصت الصحف التونسية مقالات مطوّلة تدافع فيها عن إرث الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة (1903 ـــ 2000) ضد تهجّم منصور عليه، خلال الحلقة الأخيرة من برنامجه «شاهد على العصر» على «الجزيرة». مدير التحرير السابق لمجلة «المجتمع» الكويتية لا يوفّر فرصة إلا ويتعرّض فيها للزعيم التونسي الذي استعاد حضوره بقوّة منذ سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، إذ أصبح حضور «التيّار البورقيبي» في الشارع التونسي اليوم أقوى من أي وقت مضى.

وعلى الرغم من عدم معايشتهم للحقبة البورقيبية، خصّص عدد من الشبان التونسيين صفحات كثيرة على الموقع الأزرق للدفاع عن صورة أوّل رئيس للجمهورية التونسية، المستهدفة من قبل التيارات القومية والدينية. الهجوم يتركّز على مسألة الهوية، إذ ترى هذه التيارات، ومن بينها حركة «النهضة»، وحركة «الشعب» (الناصريون)، أن بورقيبة «عزل تونس عن محيطها العربي الإسلامي» في مقابل دفاع الأحزاب الباقية عنه بشدة، وخصوصاً «الجمهوري»، و«المسار الديمقراطي»، وأحزاب «الائتلاف اليساري» (الجبهة الشعبية)، نظراً إلى دوره في ميادين حقوق المرأة، والتعليم، والصحة، والانفتاح على أوروبا، مع تحفّظهم على فشله في مسألة الديمقراطية.
ويرى عدد كبير من التونسيين أن أحمد منصور، مقدّم برنامجي «بلا حدود» و«شاهد على العصر» على القناة القطرية، يكنّ حقداً على مؤسّس العلمانية في تونس، نظراً إلى قربه من «الإخوان المسلمين» الذين يستهدفون «إرثه التنويري». ومن «بدع» هذه الجماعة رسالة تلقّاها أخيراً مجلس إدارة «صندوق تآزر الصحافيين» من محافظ تونس العاصمة علي الجابر، دعا فيها إلى الامتناع عن تقديم الكحول في «نادي الصحافيين» إلى أن تتم «تسوية وضعيته القانونية والحصول على رخصة لذلك». ورأى مجلس الإدارة أن الهدف وراء طلب المحافظ هو «حرمان الصندوق من مورده الأساسي الذي مكّنه سابقاً من تقديم قروض صغيرة ومساعدات مالية للصحافيين في حالات المرض أو فقدان العمل»، كذلك أشار بعض أعضائه إلى الخلفية السياسية لهذا القرار، رابطاً بينه وبين طلب عدد من قادة «النهضة» الحاكمة إغلاق الحانات والمطاعم التي تقدّم هذا النوع من المشروبات.
ورغم تطمينات المحافظ لرئيس الصندوق محسن عبد الرحمن بأنّ إغلاق النادي مسألة مؤقتة، ستنتهي «فور تسوية بعض الإجراءات الإدارية»، صنّف عدد كبير من الصحافيين الأمر ضمن خانة «الضرب المباشر لمصدر التمويل الأساسي للصندوق» الذي يصل إلى حوالى 40 ألف يورو سنوياً. ولفت الصحافيون إلى أنه بالتالي سيصبح الصندوق عاجزاً عن تقديم أي مساعدة مالية أو اجتماعية لأبناء المهنة، فضلاً عن أنّهم سيفقدون فضاءً لطالما جمعهم بالمبدعين والمثقفين على مدى أكثر من عشرين عاماً.