الصورة مطاردة وطريدة في البحرين. ثورة مغيّبة، تعاهد شعبها على نقل مشاهدها إلى الخارج. منذ بدء الربيع الخليجي في تلك الجزيرة الصغيرة في 14 ك2 (فبراير) 2011، كانت الصورة الشاهد الوحيد على ما يحدث. بعدما اعتاد أهل المملكة بقاء أخبار ثورتهم في الفقرات الأخيرة لنشرات الأخبار، أو شريطاً عابراً أسفل شاشاتها، انتشرت حادثة انضمت إلى سلسلة طويلة من قمع الإعلام المستقل في البحرين.
في 29 كانون الأول (ديسمبر)، تعرّض المصوّر أحمد رضا حميدان (25 عاماً) للاختطاف على أيدي رجال الأمن البحريني من أحد المجمعات التجارية. بعد 20 ساعة على اختفائه، عرفت أسرته أنّه على قيد الحياة. يتعرّض المصور هذه الأيام لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، والتهمة «حرق معرض سيارات» في قرية «سترة» البحرينية. حميدان الذي كانت عينه مفتوحة على المشهد الثوري، تُرك واقفاً ومعصوب العينين يومين في مبنى التحقيق الجنائي. أما يده التي تدرّبت على رفع الكاميرا واختيار زاوية المشهد البحريني لتسجّل حركة الثوار في الشارع وانتهاكات النظام الحاكم، فقد وُضعت فيها قنبلة وهمية. أثناء ذلك، أوهمه جلّادوه بأنّها جاهزة للانفجار بهدف تعريضه للانهيار وتسجيل اعترافاته تحت الضغط والترهيب. بعدها، وُضع في السجن الانفرادي 10 أيام قبل نقله إلى السجن العام.
الفوتوغرافي الشاب حاز 134 جائزة عالمية في التصوير الصحافي. وهو ثاني أكثر المصوّرين العرب الحاصلين على الجوائز في مسابقات «الاتحاد الدولي للتصوير» (FIAP) و«الجمعية الأميركية للتصوير» (PSA). قبل تلك الحادثة يوم 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قبضت الشرطة على مصور «وكالة الأنباء الألمانية» (DPA) مازن مهدي أثناء تغطيته تظاهرة في قرية «سار». بعد الإفراج عنه، كتب مازن تغريدة على تويتر: «السبب في توقيفي لم يكن بسبب مشاركتي في أي شيء، بل بسبب التقاط الصور. والظاهر أنّ وزارة الداخلية تعتقد أنّ الكاميرا سلاح!».
لم يحمل 2012 انفراجةً جديدة للصحافة البحرينية. ضمّ سجل الثورة أسماء ثلاثة صحافيين استشهدوا، آخرهم الفوتوغرافي أحمد أسماعيل (22 عاماً) الذي قتل على يد قوات الأمن الحكومية، خلال مشاركته في تصوير تظاهرة يوم 31 آذار (مارس) الماضي. واليوم، يتقدّم الأب كل تظاهرة حاملاً كاميرا الشهيد مع صورته كي يوثق ثورة دفع أحمد حياته ثمناً لنقل حقيقتها. بلد اخترع تهمة «نشر أخبار كاذبة» ليبقي الجميع بعيدين عن حمل الموبايل أو الكاميرا في ربيع تلوّن بالدم والقمع. لكنّ المصورين والمغرّدين الثوار مصمّمون على دعم الانتفاضة إعلامياً لكشف كل انتهاك تشهده أزقة البلد الثائر وسجون آل خليفة.