صنعاء | لا يمرّ أسبوع واحد من دون إعلان دعوى تكفير جديدة على أحد الصحافيين أو الناشطين الحقوقيين في اليمن. وقد تمادى أصحاب تلك الدعاوى التكفيرية بعدما تأكّد لقيادات حزب «التجمّع اليمني للإصلاح» الأصولي أنّ الثورة قد صارت في جيوبهم، وكذلك البلاد. وعلى هذا الأساس، صاروا يتعاملون مع مختلف القطاعات اليسارية بهذا المنطق. تلك الحالة تتطابق مع حالة «الإخوان المسلمين» في مصر، وحالة حركة «النهضة» في تونس، بمعنى أنّهم يعملون على تشويه صورة أي ناشط يساري أو علماني أسهم في مسيرة ثورة الشباب كي يظهر أنهم هم من قاموا بالثورة رغم أنهم كانوا آخر من تظاهر ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
اللافت هذه المرة أنّه كُشف عن وجود قيادات في ذلك الحزب الأصولي عمدت إلى توظيف شبكة من جيش إلكتروني يشنّ حملات على أي قوى أو دعاوى مدنية يُطلَقها في اليمن ناشطون على الأرض. كانت المسألة لا تتجاوز فعل الاعتداء الجسدي بحقّ ناشطات يمنيات معروفات باتجاههن المدني، مثل الناشطة أروى عبده عثمان، والإعلامية جميلة علي رجاء، وسارة جمال. شنّت هذه الاعتداءات مجموعة جنود ينتمون إلى «الفرقة الأولى مدرّع» التابعة للواء المنشق عن نظام صالح السابق، وهو معروف بتوجهه الأصولي. بعدما تعرّضت الكاتبة والناشطة في ثورة الشباب الروائية بشرى المقطري لحملة تكفير بسبب مقال كتبته في مناسبة مرور عام على الثورة، لم يمرّ وقت طويل حتى تعرّض الكاتب والناشط علي السعيدي لحملة تكفير وصلت إلى أبواب المحاكم اليمنية، والسبب مجموعة مقالات كتبها على فايسبوك. اللافت أن السعيدي كان يقول في بداية كل جلسة محاكمة أنّه يشهد أن لا إله إلا الله، وكانت أشبه بوسيلة دفعت هيئة المحكمة إلى إطلاق سراحه!
وعلى فايسبوك أيضاً، رفع ناشط تابع لحزب «الإصلاح» دعوى قضائية على الإعلامية سامية الأغبري، بسبب كلمة ألقتها خلال حفل جماهيري حزبي اشتراكي في مناسبة مرور عشرة أعوام على اغتيال الناشط اليمني اليساري جار الله عمر على يد متطرف من حزب الإصلاح نفسه في عام 2002. قالت سامية: «الدين والعسكر والقبيلة» هي من اغتال جار الله عمر، ما أثار حفيظة الأصوليين وجعلهم يعمدون إلى دفع واحد منهم إلى رفع قضية تكفير ضد الأغبري. قالت الأخيرة في حديث لـ«الأخبار» إنّها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها لحملات مماثلة، مع فارق أنّها أخذت هذه المرة بُعداً إلكترونياً من طريق التشهير بها بواسطة الفايسبوك، لأنّ الأصوليين دخلوا عصر الميديا الحديثة. «نقابة الصحافيين اليمنيين» بدورها أصدرت بياناً مدافعاً عن الأغبري، مؤكدة أنّها تواجه دعوى باطلة وغير قانونية.