كان يمكن أن يأتي جلعاد أتزمون (١٩٦٣) إلى بيروت، مشاركاً بين جاك فيرجيس وطارق رمضان، في سلسلة «غير لائق سياسيّاً» التي نظّمها ميشال ألفترياديس في «الميوزيكهول» قبل عامين. وكان يمكن أن نلتقيه حين جاء إلى لبنان، مجنّداً شاباً في الجيش الإسرائيلي خلال اجتياح ١٩٨٢، وموسيقى تشارلي باركر بدأت تعيد له إنسانيّته وتخرجه من القوقعة العرقيّة والشوفينيّة. جاء ورأى، معتقل «أنصار» ذكّره بـ«أوشفيتز»، وكانت القطيعة مع صهيونيّة جدّه وأبيه.
الآن يعود موسيقيّاً عالميّاً ليشهد للحقّ، بعيد صدور أسطوانته الجديدة «أغنيات متروبوليس» مع مجموعة «أوريانت هاوس إنسامبل». عازف الساكسوفون االمدهش، والكاتب الذي يقدّم نفسه بريطانيّاً، بعدما انبرى لتفكيك الأسطورة الصهيونيّة انطلاقاً من الوعي الانعزالي للهويّة اليهوديّة، سيكون مساء الغد في «مسرح دوّار الشمس». ليس جلعاد أتزمون زائراً عاديّاً، بحكم انتمائه الأصلي الذي أعاد النظر فيه بشجاعة وجرأة نادرتين تجعلان منه «عادلاً» بين قلّة من العادلين في إسرائيل، وقد صار «خارجها» أساساً. ولأنه أيضاً غير لائق سياسيّاً، تجرّأ على اللغة وتلاعب بالمحظورات، ماضياً بالراديكاليّة إلى حدودها القصوى. وقد تحفّظ على مواقفه الإشكاليّة مثقفون بارزون، مثل عمر البرغوثي وجوزف مسعد، عقب صدور كتابه «أيّ يهودي تائه؟» (٢٠١١) ?The Wandering Who. قراءة اختزاليّة برأي متابعي أتزمون وسيرورته الانسانيّة والفكريّة والسياسيّة، لكن من الصحّي أن يكون لدى النخب العربيّة حساسيّة عاليّة تجاه كل ما يتعلّق بـ «التحريفيّة» واللاساميّة المقيتة. اشتغل صاحب «مَثَل أستير، محاولة لتشريح شعب الله المختار»، على تفكيك الأيديولوجيا التي قامت عليها فلسفة «الهويّة اليهوديّة»، وتعرَّض بالنقد لنزعة «الهيمنة» و«التفوّق» التي اقترنت أحياناً ـــ على أساس خلفيّات سياسيّة مسبقة ـــ بوعي تلك الهويّة. وسلّط نيران نقده على نزعة التقوقع داخل رؤية «قبليّة» للعالم، لدى فئة من أبناء دينه، ما يجعل تلك العصبيّة سابقة على (أو لاغية لـ) أي انتماء وطني، أو ثقافي، أو فكري، أو إنساني آخر. هذا هو جلعاد أتزمون الراديكالي المزعج الذي يقف غداً في بيروت معانقاً الساكسوفون هذه المرّة لا العوزي، في لحظة مصيريّة حاسمة من تاريخ حربنا ضدّ إسرائيل.
لقاء مع جلعاد أتزمون برعاية «الميادين»: 8:30 مساء السبت 5 كانون الثاني (يناير) ــــ «مركز دوار الشمس» (الطيونة ـ بيروت) ــ للاستعلام: 01/381290
www.gilad.co.uk
9 تعليق
التعليقات
-
جلعاد والغوغاءاستاذ بيار ساعتبر ان حقي وصلني من خلال ردك على الانسة ريم كيلاني. ارجو ان تجد يوما ذلك "الاسرائيلي العادل". اساسا مجرد وضع كلمتي اسرائيلي وعادل في نفس الجملة يدل على اننا فعلا امة رومانسية ونعيش في اوهامنا بل ونحب ان نفرضها على الواقع ونرفض بعنف لفظي او فعلي كل من لا يشاركنا اوهامنا. وفي الاساس القصة وما فيها هو ان العربي كسول خامل في الاغلب ويبحث بسراج وفتيلة عن حجة يستعملها لكي لا يقوم بواجبه فكيف اذا كان هذا الواجب هو محاربة الاحتلال وتحرير وبناء الاوطان. بحث اليساريين عن "اسرائيلي عادل" هو كادعاء الاسلاميين ان الواجب الاول هو ان يعود كل المسلمين في العالم كله الى الدين وبعدها نحرر فلسطين. حجج من اليمين حجج من اليسار، اعذار من الارض واعذار من السماء والنتيجة واحدة، لا احد يفعل شيئا ومن يفعل يفعل ضد اهله وناسه ويفعل باهله وناسه. تستطيع اسرائيل ان تنام قريرة العين لان العرب والمسلمين هم اعداؤها. مع تحيات الغوغاء التي لا تقرأ السطور فقط بل ما بين السطور.
-
الإنفتاح المشروطيجب أن نشجع هذا النمط من الإنفتاح بشرطين: 1- أن يكون الزائر قد تخلى عن إنتمائه للكيان الصهيوني علناً وترك هويته وجواز سفر هذا الكيان 2- ألا يكون قد جند من قبل الموساد أو ما شابه من الحشرات السامة والمبيدات وبعد ذلك فرفضنا الإنفتاح يعني فقط أننا أصبحنا عنصريين -- وحينها نكون قد وقعنا في فخ الصهيونية
-
نتمنى لو كان الأخ بيار أبينتمنى لو كان الأخ بيار أبي صعب قد تأكد أكثر قبل نشر المقال أعلاه. أغلب الناشطين السياسيين والفلسطينيين لا يتعاملون مع هذا الشخص الآن. انكشفت أوراقه منذ فترة طويلة، وحتى الفنانين الذين تعاونوا معه في السابق - بما فيهم كاتبة هذه السطور - كشفوا ألاعيبه التفريقية التخريبية بعد أسابيع قليلة. أبسط عملية بحث على الإنترنت كانت ستظهِر محاولاته لتخريب وتدمير أي نوع من أنواع التضامن أو التواجد الفلسطيني في أوروبا والغرب. ريم الكيلاني
-
غوغاءلم تقرأ كتابات جعاد، ولم تطل على روابط المقالة... انشالله تكون قريت المقالة. سلام بيار أبي صعب
-
فالس مع بشير وجاز مع جلعاد: شو يعني هلق؟سؤال بسيط: هل ما زال جلعاد اتزمون يحمل جنسيته الاسرائيلية؟ ان كان كذلك فلا فيه ولا بشارلي باركر تبعه. يكون حينها من جماعة شمعون بيريز الاشتراكي (كبيك الجبل) الانساني وابو السلاح النووي الاسرائيلي. هؤلاء اخطر من بيغن وشارون وتلك القرطة النازية لان هؤلاء حلسين ملسين مثل ميليس. هل من يذكر الافعى ميليس؟ حلس ملس وشديد السم. ان كان ما زال اسرائيليا فيجب القبض عليه ومحاكمته في نورمبورغ لبنانية على جرائم حربه وحرب جيشه. وعندها فلياخذ ساكسوفونه و... وان كان قد تخلى عن جنسيته الصهيونازية فلدي سؤال اخر قبل ان اقول عفى الله عما مضى واقطع تذكرة لاسمع جاز مع جلعاد. السؤال هو كم لبناني وفلسطيني قتل هذا الجلعاد خلال اجتياح ١٩٨٢ وما بعده؟ آري فولمان في "فالس مع بشير" يصور نفسه يقتل طفلا فلسطينيا في الجنوب. ماذا عن جلعاد اتزمون؟ كم طفل قتل؟ اين كان حين حصلت مجزرة صبرا وشاتيلا؟ هل كان ايضا يطلق قنابل مضيئة لينير الدرب للوحش كي يصل ضحيته؟ هل سيكتب "موسيقى اللحوم البشرية" كما غنى خالد الهبر مما كتب محمود درويش؟ ان كان الامر كذلك "فلتعش حالة الاحتضار الطويلة." شو يعني هلق؟ الظاهر ان جواب الاستاذ رشيد في "فيلم اميركي طويل" ما زال ساري الفعل والفاعل والمفعول به المنصوب دوما (كالعادة العلنية). شو يعني هلق؟ "يعني متل هلق. يعني ما شي" يعني لا شئ. ويا بيك الجبل الاشتراكي حيث المواطن حر والشعب سعيد وبمناسبة زيارة جلعاد لبيروت: بحبك بلا ولا شي. ما في بهالحب مصاري ولا يمكن في مهجرين. ولا يمكن في غشاوة ولا فيه بونات بنزين. بحبك بلا ولا شي.